حدد الصفحة

التحول الرقمي في الموانئ البحرية : القطاع البحري وثورة Port 4.0

التحول الرقمي في الموانئ البحرية : القطاع البحري وثورة Port 4.0

من المتوقع أن يؤدي التطور الذي تشهده تقنية المعلومات والاتصالات دوراً كبيراً في قطاع الموانئ. وستشهد الاتصالات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس تطوراً متسارعاً على مدار الأعوام القليلة القادمة وستتحول من تقنيات مبتكرة وجديدة إلى تقنيات أساسية يتم الاعتماد عليها بشكل كبير.

وتبرز أهمية هذه التطورات في ظل الضغوط الكبيرة التي يواجهها القطاع البحري والتي لم يشهد لها مثيلاً على مدار تاريخه الطويل، إذ ستسهم في إنجاز التحول الرقمي الضروري لازدهار القطاع البحري.

يتزايد الاعتماد على التقنيات الذكية في البحر والموانئ. وبذلت كل من المنظمة البحرية الدولية ومنظمة المعايير الدولية (ISO) جهوداً متواصلة لتطوير السفن الذكية، حيث وضعت منظمة المعايير الدولية خطة لتوحيد المعايير وأصدرت جمعيات التصنيف الرئيسية (وهي المنظمات المسؤولة عن تحديد المعايير الفنية لبناء وتشغيل السفن والحفاظ عليها) العديد من القوانين والإرشادات.

تحتوي السفن الذكية العديد على العديد من أجهزة الاستشعار والاتصال والتي تجمع المعلومات المتعلقة بحالتها وحالة المحيط الذي تبحر فيه السفينة والموانئ وأصحاب المصلحة الآخرين بالاعتماد على تقنية المعلومات والاتصالات والتحكم الآلي وعمليات وتحليلات البيانات الضخمة وتقوم بالتشغيل الذكي لأنظمة الملاحة والإدارة والصيانة ونقل البضائع.

لذا، سنواجه المزيد من التحديات التي تتمثل في إدارة الكميات الهائلة من البيانات في القطاع البحري. وتدعو جمعية التصنيف الصينية إلى اتباع نهج “بلوك تشين” بدلاً من أنظمة البيانات المتجانسة.

وتؤكد الجمعية أنه يمكن الاعتماد على الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي بشكل كبير في أعمال المسح البحري. ويشمل ذلك استخدام طائرات الدرون وتجهيزات الواقع المعزز القابلة للارتداء لإنجاز عمليات الفحص والمراقبة بشكل سلس وفوري، والتعرف على صور هياكل السفن ونقاط الضعف فيها، والاعتماد على الواقع الافتراضي البانورامي للتدريب على المسح عن بعد. كما تشمل التحديات تلبية متطلبات الأمن السيبراني: يجب أن يتم تقييم المخاطر وإجراء الاختبارات والتحقق.

وقالت ساشا تريبتي، رئيسة تطوير الأعمال والاستراتيجيات في ميناء “دويسبورت”، وهو أكبر ميناء داخلي في أوروبا ومركز مهم للدعم اللوجستي والابتكار، أنه يجب أن يتم تنفيذ استراتيجية التحول الرقمي بشكل ملائم لكي تنجح.

يجب أن نتخلى عن الطرق التقليدية وأن نضاعف جهودنا لإنجاز التحول الرقمي لا أن نعتبرها مهمة عادية تضاف إلى مهامنا اليومية.

وفي قطاعٍ يعتبر واحداً من القطاعات منخفضة الأرباح، لا تتوفر سوى كمية قليلة من الأموال الفائضة لإنجاز التغييرات المطلوبة وبالتالي لا مجال للخطأ أي يجب أن يتم الاعتماد على الحلول المناسبة بحيث تعود بالنفع على جميع أصحاب المصلحة. كما أن الالتزام بالمعايير هو أمر ضروري كذلك.

الدروس الرئيسية المستفادة: يجب أن نحدد الاستراتيجية ونعمل على تنفيذها بالتعاون مع خبراء المال في أقرب وقت ممكن. ويجب أن نتوقع ما سيواجهنا من تحديات لنتمكن من التغلب عليها بما في ذلك التركيز على حل المشكلات والتفكير الشامل والاهتمام بأدق التفاصيل. كما أن التعاون مع الشركاء هو أمر ضروري لإحداث التغيير المطلوب وتحقيق نتائج ملموسة في وقت قصير.

الحلول الرقمية

يتم نقل ما يصل إلى 90% من البضائع حول العالم عبر البحر، حيث تصل نسبة البضائع التي يتم نقلها في حاويات الشحن إلى 70%. وعلى الرغم من ذلك، ما زالت أعمال الموانئ تواجه تحديات كبيرة. وأدت المساحة الضيقة والحمولات الزائدة بالإضافة إلى العديد من المشاكل مثل اختلال توازن الحاويات بسبب طلبات الاستيراد والتصدير غير المتكافئة إلى توقف العديد من السفن أو خروجها من الخدمة على الرغم من دخول السفن الأكبر حجماً إلى الخدمة من أجل تحسين كفاءة الرحلات البحرية وتعزيز الأرباح. وتعتبر هذه التحديات الفنية واللوجستية اختباراً للهندسة البحرية والموانئ والممرات المائية والتي لا يمكنها تلبية متطلبات تحسين الكفاءة وتعزيز الأرباح لوحدها.

كما يواجه قطاع النقل البحري المزيد من التحديات القانونية، حيث تفرض قوانين حماية البيئة – والقواعد الجديدة المتعلقة بإزالة الكبريت والتخلص من المياه الرمادية/ السوداء وإدارة مياه التوازن وغيرها – مزيداً من المتطلبات للالتزام بقواعد تدريب ورعاية العمال والموظفين بالإضافة إلى العديد من التعديلات التنظيمية العامة. وتؤدي هذه العوامل إلى الحد من كفاءة الرحلات التجارية البحرية.

اليوم،  تركز الموانئ أكثر من أي وقت مضى على إدارة تدفق البضائع وتحسين حركة السفن ونقل البضائع إلى السكك الحديدية والطرق في المناطق النائية ليتم نقلها إلى داخل البلاد. وتتطلب هذه العمليات أنظمة إيكولوجية معقدة تنطوي على العديد من العمليات المتزامنة والتي تتأثر بأقل الاضطرابات.

وينبغي أن يتم توفير حلول تقنية شاملة وغير مملوكة على المستوى العالمي. وسيسهم التعاون مع الشركاء الرئيسيين ممن يوفرون أحدث التقنيات والحلول مثل هواوي في ضمان وفورات الحجم وسرعة التنفيذ بما يتماشى مع المعايير المتبعة بفضل الميزات الكبيرة للتحول الرقمي وخبرة هواوي العالمية في إدارته.

يتزايد الاعتماد على الأنظمة الشاملة التي تسهم في تحقيق التحول الرقمي في قطاع التصنيع، حيث تتواصل الثورة الصناعية الرابعة (Industry 4.0) في ظل التركيز على الاتصال بين الآلات وإنترنت الأشياء لتمكين أعلى مستويات المرونة والقدرة على التكيف مع التغيرات بشكل فوري.

ويشهد  القطاع البحري بدوره ثورة يتم التعبير عنها بمصطلح (Port 4.0) من خلال الاعتماد على الحلول والقواعد المتوافقة. وسيسهم الجيل الخامس في تمكين أصحاب المصلحة من تحقيق التغييرات المطلوبة دون الحاجة إلى الاستعانة بالحلول المخصصة، حيث يتم الاعتماد على الجيل الخامس لضمان حركة السيارات ذاتية القيادة بشكل آمن بفضل زمن الاستجابة الفوري الذي يوفره.

وكما هو الحال في العديد من القطاعات، سيسهم التشغيل الآلي في ضمان كفاءة العمل ولكن يجب أن يتم ذلك بشكل آمن وملائم وبدون أخطاء.

بداية التحول الرقمي

وضع أكثر من 170 بلداً استراتيجية للتحول الرقمي، فيما تمتلك العديد من الدول استراتيجيات للذكاء الاصطناعي. وتم تخصيص ما يصل إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول وحوالي 20% من إجمالي استثمارات تقنية المعلومات والاتصالات لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

وقال تياغو بينتو أن الموانئ التي توفر خدمات النقل البحري بالاعتماد على تقنيات هواوي ستتمكن من تطوير أعمالها بعدة طرق – لا سيما من حيث تكامل وسلاسة عملية التوريد بأكملها – وبالتالي تحقيق التكامل بين عمليات الموانئ وشركات الشحن والجمارك والضرائب وشركات التخزين والخدمات اللوجستية ووكالات الشحن.

Huawei ports digitalisation
يشهد القطاع البحري ثورة يتم التعبير عنها بمصطلح (Port 4.0) (© BiancoBlue | Dreamstime.com)

يزداد عدد الموانئ التي تعتمد على الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي في أوروبا كجزء من استراتيجيات التحول الرقمي.

في ميناء الجزيرة الخضراء، شاركت هواوي في مشروع تجريبي لتحديث وتحسين أنظمة الإدارة والأمن حيث تسهم تقنيات الواقع المعزز والجيل الخامس والبث عبر الفيديو في الوقت الفعلي وغيرها من التقنيات الحديثة في الحد من الوقت اللازم لاستجابة الوكلاء في المرفأ.

كما اعتمد ميناء برشلونة على إمكانات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي التي توفرها هواوي لتنفيذ حل سيوفر المعلومات عن موقع السفينة ويعزز البيانات التي توفرها أنظمة التعريف التي يتم الاعتماد عليها في برج المراقبة في الميناء.

وقالت الدكتورة جورجيا آيفانتوبولو من المعهد الهيليني للنقل التابع لمركز الأبحاث والتكنولوجيا في اليونان أن الهدف الرئيسي للاتحاد الأوروبي هو دمج النقل البحري مع بقية طرق النقل. كما يهدف الاتحاد الأوروبي إلى إزالة الكربون من الموانئ والحد من الانبعاثات الغازية بنسبة تصل إلى 90% بحلول عام 2050. وتعاني العديد من الموانئ من ضعف البنية التحتية، حيث تعتبر تقنية المعلومات والاتصالات واحدة من العوامل الأساسية لتحسين أداء الموانئ وتعزيز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويتم تنفيذ العديد من المبادرات لتحقيق هذه الأهداف.

وتعاون مركز الأبحاث والتكنولوجيا في اليونان مع هواوي على تنفيذ مشروع الميناء الصديق للبيئة والذي تم اقتراحه في اتفاقية الاتحاد الأوروبي الخضراء EU Green Deal ويهدف المشروع للاستفادة من تجارب “المنارات” البحرية التي تلبي معايير “موانئ المستقبل” التي حددها “اتحاد الموانئ الصديقة للبيئة” والذي يضم 13 دولة.

تمتاز الموانئ الصديقة للبيئة بأنها موانئ مستدامة وذكية ومترابطة وتواكب مختلف نماذج العمل، حيث يتم إنتاج وتوزيع وتوريد واستخدام الطاقة النظيفة في النقل وغيره من المجالات. كما يتم الاعتماد على السيارات الذكية والمتصلة وذاتية القيادة في الموانئ والعمليات اللوجستية متعددة النماذج بالإضافة إلى توفير نظام شامل لنقل الركاب والبضائع بالاعتماد على الطرق التي تربط بين المدن والبيئات الحضرية والطبيعية، مما يسهم في تعزيز التنمية بما يتماشى مع مبادئ الاقتصاد الدائري.

وفر مشروع “بيكسل” (الاعتماد على إنترنت الأشياء في الموانئ للحفاظ على البيئة) منصة غير متجانسة للبيانات إلى الموانئ الصغيرة والمتوسطة، حيث يتم الاعتماد على إنترنت الأشياء والتحليلات التنبؤية (البيانات الضخمة) لتحسين الأداء البيئي وتوفير المواد اللوجستية بشكل سلس بالإضافة إلى اللوحات التي توفر المعلومات اللازمة بشكل فوري.

تم تنفيذ منصة وخدمات بيكسل في ميناء سالونيك شمال اليونان لجمع البيانات والاعتماد عليها في مختلف مراحل العمل عبر سلسلة التوريد. وتم تحقيق التكامل بين أنظمة الميناء وعمليات جمع المعلومات والبيانات في الوقت الفعلي. وحظي نظام توفير المعلومات في الوقت الفعلي ومراقبة مؤشرات الأداء الرئيسية من خلال لوحة القيادة بتقدير إدارة ميناء سالونيك وبقية الموانئ التي شاركت في المشروع.

المشاريع المستقبلية

قال كارليس روا كوستا، رئيس الابتكار في ميناء برشلونة أنه يجب أن يتم تنويع الأعمال في الميناء من أجل تعزيز القدرات التنافسية وتحقيق التميز والتركيز على العملاء، لا سيما في ظل الطلب غير المستقر. 

يتم الاعتماد على نموذج الميناء الذكي في ميناء برشلونة كجزء من نماذج المدن الذكية التي تربط بين الموانئ والمجتمعات في داخل المدينة. ويشمل النموذج العديد من أصحاب المصلحة: تتعاون 500 شركة تعمل في تجارة التجزئة مع ميناء برشلونة – على سبيل المثال – ويعتبر مشروع Pier 01 الابتكاري – وهو جزء من مشروع مدينة برشلونة التقنية – واحداً من أهم خمسة مراكز ابتكارية في أوروبا. وباعتبار الميناء جزءاً من البنية التحتية الرئيسية، يجب أن يتم التحقق من كفاءة التقنيات الجديدة قبل تشغيلها.

وتشمل العناصر الأساسية للموانئ الذكية الاعتماد على طائرات الدرون والبوابات الآلية والأمن المدني والتكيف مع التغيرات وطرق الربط بين الموانئ والمدن وتتبع البضائع وتعقبها. وقال روا كوستا أن التقنيات التي توفر هذه الخدمات متوفرة بينما ما زال البعض منها قيد التطوير.

ويمكن الاعتماد على تقنية التعرف على الصور بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي – على سبيل المثال – لتتبع الشحنات. وتشمل العملية إنشاء “صور” للقطارات ومعرفة أماكن الشحنات بالتحديد. كما يمكن الاعتماد على التقنية لمراقبة إدارة النفايات. أما تقنية الواقع الافتراضي فيمكن الاعتماد عليها لتوفير صور ثلاثية الأبعاد يتم من خلالها عرض جميع المعلومات المهمة.

وأكد كوستا أنه سيتم الاعتماد على تقنية “بلوك تشين” بشكل كبير جداً، لا سيما بعد عامين أو ثلاثة أعوام. وقال أن الاستراتيجيات الرقمية يجب ألا تركز على أجهزة الاستشعار والاتصالات فحسب، بل ينبغي أن تركز على توفير الحلول المناسبة في الأماكن المناسبة كذلك.

كما تحدث روا كوستا عن تحول الطاقة والاقتصاد الدائري والحد من المواد وإعادة استخدامها باعتباره توجهاً ملائماً للتحول الرقمي في العديد من النواحي بالإضافة إلى توفير اتصالات أفضل تسهم في الحفاظ على البيئة.

ويتم تطبيق هذا النهج في ميناء بالما دي مايوركا، حيث أشارت دولوريس أوردونيز، المديرة الفنية للاستشارات البيئية في شركة AnySolutions إلى أن هناك العديد من المبادرات التي سيتم إطلاقها والتي تشمل: مشروع Green Hyslands 2020 الذي يوفر الهيدروجين النظيف، ومشروع الموانئ النظيفة التي تعتمد على الغاز الطبيعي المسال وتحد من انبعاثات الوقود الأحفوري، والاعتماد على الخلايا الكهروضوئية في المباني الطرفية.

ويتم توصيل لوحة المعلومات الموحدة بالأنظمة الأساسية لتوفير رؤية شاملة وتقييم كفاءة العمل وتشغيل السيارات ذاتية القيادة في منطقة الميناء والاعتماد على طائرات الدرون لتنظيف سطح الماء. ويتم الاعتماد على النماذج المتعددة لتعزيز التفاعل مع سلطات المدينة للمساهمة في تحسين السياحة.

العمل الذكي

تعكس الأمثلة السابقة عن الموانئ الذكية دورها المهم في بناء المجتمعات الذكية. وتعتمد الموانئ الذكية على التعاون بين العديد من أصحاب المصلحة والعمل المشترك بين المؤسسات. كما تتطلب المزيد من التقنيات الذكية لمعالجة البيانات التي يتم جمعها وتحليلها ونشرها أو الاعتماد عليها لاتخاذ القرارات في الوقت الفعلي أو شبه الفعلي.

وتوفر شبكات الجيل الخامس السعة اللازمة لتخزين البيانات والسرعات التي تتيح تشغيل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى المزيد من القدرات التقنية التي لم يكن بالإمكان تشغيلها بالاعتماد على الأجهزة الخلوية أو، غيرها من التقنيات المميزة، مثل الاستجابة الفورية اللازمة لتشغيل السيارات ذاتية القيادة.

والأهم من ذلك هو أن الجيل الخامس يوفر حلولاً شاملة لإنجاز جميع المهام. ويجب أن يتم تحديد المعايير وتحسينها في مختلف المجالات بشكل متواصل. وعلى الرغم من أن تقنية الجيل الخامس ليست ملكية خاصة، ولكن هناك مصلحة مشتركة للجميع في توفير حل واحد يتم الاعتماد عليه على المستوى العالمي.

واستضافت هواوي مؤتمر التحول الرقمي الصناعي 2021 عبر الإنترنت لاستكشاف كفاءة العالم الرقمي المبتكر والذي يواكب مختلف الظروف في ثلاثة مجالات: الأعمال والتقنية والأنظمة الإيكولوجية.

ويوفر المؤتمر الذي يتألف من مجموعة من الأنشطة – من الكلمات الرئيسية إلى المنتديات والاجتماعات – منصة مفتوحة وشاملة تسهم في تعزيز الحوار البنّاء.

لمزيد من المعلومات، يرجى الضغط هنا.

اخر الأخبار

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com