نشاط حركة الأسهم والتقنيات الجديدة المزعزعة يدفعان عجلة تبسيط العمليات في الشركات في مختلف أنحاء أوروبا

تجتاح القارة الأوروبية حالياً ظاهرة خاصة وشديدة الاستقطاب، تتمثل في التركيز الشديد على تبسيط عمليات الشركات، وفقاً لما أفاد به بنك جي بي مورغان الخاص.
فعلى مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، ارتفع مستوى النشاط الاستراتيجي للاندماج والاستحواذ على خلفية معدلات النمو القوية التي حققتها أرباح الشركات، ما أدى إلى تعزيز الثقة بأداء الشركات، وإصدار تقييمات واعدة، وتحقيق أخفض مستوى تاريخي لتقلبات السوق، وتسهيل ظروف وإجراءات التمويل. وفي ظل تواجد شريحة كبيرة من المشترين الأغنياء، الذين يتمتعون بسيولة نقدية عالية، تواكب الشركات في مختلف القطاعات هذه الطفرة السائدة على صعيد عمليات الاندماج والاستحواذ من أجل إعادة هيكلة وتبسيط عملياتها. وقد يؤدي تبديد أو تدني مستوى الأصول غير الأساسية وضعيفة الأداء، المستندة على مضاعفات الدورة اللاحقة مع إعادة التركيز على الأصول الأساسية، إلى بلورة قيمة كبيرة وهامة بالنسبة للمساهمين. وفي الوقت ذاته، قد يُعزى ارتفاع سعر سهم الشركة الأم إلى الجمع المثالي ما بين نمو الأرباح المعاد استثمارها و/أو إعادة التسعير متعدد المراحل.
وهو ما تطرق إليه غابرييل زانينتي، رئيس قسم الاستثمارات في أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى بنك جي بي مورغان الخاص، قائلاً: “تسارعت وتيرة عمليات تصفية الأصول والبيع العرضي في القارة الأوروبية خلال الربع الأول من العام 2018، حيث تشير توقعات بنك جي بي مورغان الخاص إلى استمرار انتشار هذه الموجة، وذلك في ظل دفع نشاط حركة سوق الأسهم والمساهمين لمسيرة النمو والازدهار. وباستخدام عمليات التحليل المتدرجة تصاعدياً، تمكنا من تحديد الفرص الاستثمارية الواعدة والمتاحة بين الشركات الأوروبية، والتي بإمكانها إيجاد قيمة جوهرية “بالإجمال”، وإعادة نمو الأرباح من خلال تبسيط عمليات الشركات”.
نشاط حركة سوق الأسهم والتغيير يدفعان عجلة النمو والتقدم
تواصل موجة التغيير التي تعصف بقطاع التكنولوجيا نموها وانتشارها، حيث باتت معدلات التغيير المتسارعة تؤثر بشكل مباشر على الشركات في كافة القطاعات، فالتكنولوجيا أضحت من أهم عوامل جني الأرباح الهائلة والمتراكمة، ما يؤدي إلى خلق هوة واسعة ما بين الشركات الأكثر نجاحاً على مستوى السوق وبقية المنافسين. ومن الأمور التي أصبح يتحتم على المدراء التنفيذيين تطبيقها الآن، أكثر من أي وقت مضى، العمل على توجيه مسار استراتيجيات شركاتهم بشكل مخصص، وتبسيط مستوى التعقيد الذي بدأ يتسلل بشكل متنامي إلى المحافظ الاستثمارية خلال العقد الماضي.
من جهةٍ أخرى، اجتاحت طفرة جديدة حركة تداولات المساهمين في جميع أنحاء العالم خلال الأشهر الـ 12 الماضية، وعلى صعيد مختلف القطاعات. فعادةً ما يسعى المضاربون في هذا المجال إلى إحداث التغيير من أجل تحقيق الهدف النهائي المتمثل في جني القيمة المالية، الأمر الذي غالباً يتم عبر البحث عن مشترين محتملين للشركات، سواءً كان ذلك بشكل كلي أو جزئي. وفي الآونة الأخيرة، روّج المساهمون النشطون لأجندات غير مالية سعياً منهم للتأثير على هيكلية حوكمة الشركة، وعلى أدائها على الصعيدين البيئي والاجتماعي.
وهي النقطة التي أوضحها غابرييل زانينتي بقوله: “لم يعد المضاربون يخشون مجابهة الشركات الأكبر والأقوى، فعمليات الكثير منهم خلال العام الماضي تضمنت تمثيل أسماء عائلات عريقة وشهيرة بامتلاكها لرؤوس الأموال الكبيرة. وعلى الرغم من تنوع الإجراءات والخطوات التي يتبعها المضاربون، والتي تتراوح ما بين كونها إجراءات ودودة وصولاً إلى الخطوات العدائية، إلا أننا نؤمن بأنهم يطبقون منهجية تعاونية بوتيرة متنامية، تقوم على الجمع ما بين المضارب وكلاً من الإدارة والمساهمين المؤسسيين الآخرين. لكننا نتوقع استمرار نمو وانتشار هذا التوجه ليشمل حركة أسهم الشركات ذات رأس المال الكبير، والمشاركة في تداولاتها بدرجة كبيرة، خاصة في القارة الأوروبية، حيث لا تزال هناك الكثير من الفرص للتعويض مقارنة بسوق الأسهم في الولايات المتحدة”.
سوق الأسهم يكافئ تبسيط العمليات في الشركات
أظهرت نتائج عمليات التحليل التي قام بها بنك جي بي مورغان أن عمليات الشراء التي تتم يوم الإعلان عن تصفية وبيع الأصول بشكل عرضي، مع الإبقاء على هذه الحالة للشركة لمدة تصل حتى ستة أشهر، تعمل على تفوق أداء الأصول فيها بمعدل 2.4 بالمائة وفقاً لتداولات مؤشر Stoxx600 الأوروبي.
كما برهنت عمليات الشراء المبكرة للأصول تاريخياً على كونها أكثر ربحيةً، فالمستثمرون الذين يملكون ذات الأسهم قبل 12 شهراً من الإعلان عن توجهات الشركة، ويواصلون الاحتفاظ بها لمدة تصل حتى ستة أشهر بعد الإعلان، سيجنون أرباحا مؤكدة بمعدل 14.6 بالمائة خلال إجمالي فترة الاحتفاظ بها وفقاً لمؤشر سوق الأسهم الأوروبي. وقد أظهرت نتائج التحليل أيضاً أن الشركات التي تعمل على تبسيط عملياتها تقوم أسهمها وباستمرار بجني أرباح مؤكدة على مستوى قطاعها.
ويوضح غابرييل زانينتي هذه الفكر قائلاً: “رصدنا اثنين من الدوافع الرئيسية التي من شأنها يعد تبسيط عمليات الشركات من العوامل الرئيسية لجني الأرباح المؤكدة، أولهما، إذا كانت التوقعات تشير إلى احتمالية خفض الأسهم العادية لمعدل ربح السهم، فإنه لا يزال بإمكان المجموعة التي تتميز بالعمليات المبسطة للمحفظة جني الأرباح/الإيرادات العضوية، وهو أمر لا يحدث في أسواق الأسهم دون إثارة الضجيج والصخب حوله. وثانيهما، بإمكان المؤسسات الكبيرة ومتعددة الأقسام، على سبيل المثال الشركات القابضة أو الشركات المتحدة مع قطاعات أعمال ذات طبيعة غير مترابطة، سد الهوة المتعلقة بعملية التقييم “الإجمالية”، وذلك عن طريق فصل وتجزئة أحد أصولها أو أكثر، بحيث يصبح بالإمكان رفع مستوى عمليات تقييم وتقدير المحفظة المتبقية بدرجة أفضل من قبل سوق الأسهم”.
البحث عن القيمة في السوق الأوروبية عن طريق تبسيط عمليات الشركات
يرصد بنك جي بي مورغان الخاص، على مستوى جميع القطاعات تقريباً في أوروبا، وجود نسبة تركيز متنامية بين الشركات على تعظيم القيمة، وذلك بانتهاج سياسة تبسيط العمليات، وهذا التوجه يشمل قطاع الخدمات الفندقية، ومؤسسات التأمين، والشركات الدوائية. وبالنظر إلى المستقبل القريب، ستوفر الشركات القابضة، وشركات تصنيع السيارات الأوروبية، وكبرى شركات النفط، وشركات الأسواق المتوسطة فرصاً جذابة في جميع أنحاء أوروبا.
ويختم غابرييل زانينتي حديثه قائلاً: “لقد شهدنا خلال النصف الأول من العام 2018 تنامي معدل التركيز على تبسيط العمليات من قبل الشركات الأوروبية، فالتغييرات التي تطرأ على منهجية إدارة المحفظة ستؤثر بشكل كبير على القيمة السوقية لأسهم الشركة، ما يساهم في تفوق أداء الأسهم على مستوى القطاع، أو بدرجة أوسع على مستوى مؤشر الأسهم الأوروبي. وسيؤدي تواجد المساهمين المضاربين في أوروبا إلى تحفيز الإدارات على اتخاذ الإجراءات عند انخفاض القيمة السوقية لأسهم الشركة عن مستوى قيمتها الحقيقية. وتشير توقعات جي بي مورغان إلى أن تبسيط عمليات المحفظة سيؤدي إلى جني أرباح مؤكدة وثابتة، كما أننا متحمسون إزاء انتشار العديد من الفرص الاستثمارية المتدرجة تصاعدياً التي من شأنها بلورة قيمة حقيقة في جميع أسواق أوروبا”.