حدد الصفحة

أربعة مفاهيم خاطئة حول البنية السحابية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

أربعة مفاهيم خاطئة حول البنية السحابية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

بقلم ميليجان ستامينكوفيتش المدير العام لدى مامبو ، ودايف ميرفي، رئيس الخدمات المالية في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا والمحيط الهادي لدى بابليسس سابينت

شهدت الأعوام القليلة الماضية ارتفاعًا في الطلب على استخدام الحوسبة السحابية، والتي تحوّلت تدريجيًا من كونها مفهومًا مبتكرًا يناسب البنوك إلى أساس ضروري وهام تعتمد عليه المؤسسات المالية وتثق به. أما في الشرق الأوسط، فقد أطلقت الحكومات مبادرات التحول الرقمي التي لعبت دورًا أساسياً في تحفيز وزيادة استخدام البنية السحابية، ما دفع العديد من كبرى الشركات التقنية، ومنها جوجل ومايكروسوفت وأمازون ويب سيرفسز لافتتاح مراكز البيانات في المنطقة التي ترى فيها إمكانات واعدة لتبني التقنيات السحابية.

وبحسب شركة ريسرتش اند ماركتس، من المتوقع بلوغ قيمة سوق التطبيقات في الشرق الأوسط 4.5 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2024، بينما يتوقع أن يكون الإنفاق على البنية السحابية العامة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد تجاوز 4 مليار دولار أمريكي عام 2020  في الوقت الذي تباطأ فيها النمو إلى 11.3% مقارنة مع 29.6% بين عامي 2018-2019 مع توقعات بعودة نمو الإنفاق عام 2021 وتوقع تضاعفه بحلول عام 2024 وفقًا لشركة غارتنر.

أدت الجائحة العالمية إلى العديد من التغييرات في أماكن العمل، وساهمت البنية السحابية في تمكين الكثير من تلك التغييرات كالعمل عن بعد والتحديثات الفورية حول الأنشطة – إذ لم يعد الأمر يتعلق بتبنّي التقنيات السحابية أم لا، بل بكيفية استخدامها بشكل آمن وكفاءة عالية.

إلا أن هناك الكثير من المعتقدات الخاطئة المتعلقة بالبنية السحابية، والتي نشأت عن مشاكل ارتبطت باستخدامها وعن التغييرات الهائلة التي تصاحبها. وتعيق تلك الأفكار فرصة الحصول على فهم صحيح وواضح للآثار الإيجابية التي تحققها البنية السحابية على الأعمال والجوانب التشغيلية والاقتصادية، ولا بد من معالجتها لتمكين المؤسسات من الاستفادة الكاملة من التقنيات السحابية. كما أن الكثير من صانعي القرارات لا يفهمون تمامًا مبدأ البنية السحابية ومزاياها أو مدى أمنها، رغم وجود شركات عديدة كافحت تلك المفاهيم الخاطئة وتمكنت من الحصول على مردود رائع بانتقالها إلى البنية السحابية.

وفيما يلي أربعة من تلك المفاهيم الخاطئة حول البنية السحابية:

الخطأ الأول: الأمن – البنية السحابية أقل أمنًا من البنية المادية

كانت البنوك في السابق تؤمن بكون البنية المادية أكثر أمانًا لبياناتها، ولكن مدراء الأمن في القطاع أدركوا على مدى السنوات الماضية إمكانية تعرّض مراكز البيانات المادية للقرصنة عن بعد، وأنها عملية تتم يدويًا تتعرض لمخاطر إضافية جمّة بسبب التهديدات الداخلية.

يستثمر مزودو الخدمات السحابية مثل أمازون ويب سيرفسز ومايكروسوفت وجوجل كلاود مليارات الدولارات كل عام لضمان الأمن التام لحلولهم، كما يحرصون على إمكانية تشفير البيانات وترميزها بشكل يخفيها تمامًا أثناء نقلها. وبالمثل، يمكن تأمين البيانات أثناء حوسبتها عبر استخدام التشفير المتشابه – الأمر الذي يتيح لمزودي الخدمة تأدية العمليات على البيانات بينما تبقى مشفّرة. وبهذا يكون العميل هو الطرف الوحيد الذي يعرف المفتاح الخاص الذي يمكنه من فكّ ترميز البيانات. 

كما أن المؤسسات المالية التي تضع السياسات الصحيحة تتبنى نموذجًا تشغيليًا فعالًا للتطوير والأمن والعمليات التشغيلية، وتدرّب الموظفين أو تعيّن أصحاب الكفاءات المناسبة بحيث يمكنهم إنجاز العمليات بشكل أكثر أمانًا في البيئات السحابية مقارنة مع التواجد في مبنى المؤسسة. فهي تحرص على التهيئة الآمنة من خلال تطبيق متطلب تسجيل الدخول لمرة واحدة SSO وسياسات كلمات المرور والتحقق متعدد العوامل من الهوية إلى جانب إجراءات التصريح بالوصول والتحقق الثنائي من الهوية لعدد من الإجراءات المحددة.

الخطأ الثاني – الضوابط: موقع البيانات غير معروف

يعدّ ضبط الوصول إلى البيانات أمرًا بالغ الأهمية في المؤسسات المالية ومطلبًا رئيسيًا لحماية بيانات وخصوصية الأفراد والحفاظ على ثقة العملاء. ولهذا الغرض، قامت العديد من دول الشرق الأوسط والعالم بفرض وتطبيق متطلبات البيانات المحلية لأنها تؤمن بأن ذلك يقلل من مخاطر الأمن إلى الحد الأدنى ويخفض من إمكانية وصول طرف ثالث إلى البيانات.

إلا أن العديد من أبرز مزودي الخدمات السحابية عملوا على معالجة تلك المخاوف ويقدمون الآن الدعم للمؤسسات المالية في تلبية متطلبات الاحتفاظ بالبيانات. وبهذا يصبح بوسع عملائهم تحديد المنطقة التي يوجد فيها مركز البيانات لتخزين البيانات والتطبيقات الهامة للأعمال، ويمكن للمؤسسات المالية تحديد المواقع المادية التي تخزّن فيها البيانات وكيفية وموعد نقل تلك البيانات.

الخطأ الثالث – التكلفة: تكلفة البنية السحابية أعلى من البنية المادية 

يدور جدل واسع حول اقتصاديات البنية السحابية في قطاع تقنية المعلومات المؤسسية، إذ تعتمد التكلفة بشكل كبير على نقطة انطلاق الشركة. ومن بين الاختلافات في نقطة البداية مدى نضج الشركة في دورة الحياة الحالية للتخزين المادي، التزامات الترخيص القائمة وأنواع أحمال العمل – أي الشبكة مقابل تخزين البيانات – حيث تظهر هذه النقطة تحديدًا توفيرًا كبيرًا في التكلفة عند اعتماد البنية السحابية. وبغض النظر عن الاختلاف في نقطة البدء، فقد لاحظت العديد من الشركات التي انتقلت إلى البنية السحابية توفيرًا في التكلفة بسبب نموذج مشاركة الموارد والتوسع التلقائي. كما أن الشركات تدفع التكلفة المناسبة للوحدات التي تستخدمها عندما تحتاج إلى الخدمات السحابية بدلًا من امتلاك وحدات مادية في مقرها ودفع تكلفتها على مدار الساعة.

والسؤال الجوهري فيما يتعلق باقتصاد البنية السحابية هو ما إن كان انخفاض تكلفة التشغيل للبنية السحابية يبرر التكلفة الأولية لاستخدامها، بافتراض إجراء كافة خطوات التهيئة والحوكمة بالشكل الصحيح.

كما أن هناك مجموعة متكاملة من الحسابات التي يمكن تطبيقها على تكلفة الملكية، أهمّها هو تكلفة الفرصة التي تترتب على عدم استخدام البنية السحابية. ولتقييم المزايا التي يمكن للبنية السحابية تحقيقها للأعمال على المدى الطويل، ابدأ باعتماد البنية السحابية لكل مشروع على حدة، وستعكس النتائج القيمة المترتبة عليها. كما أن البنية السحابية مصممة لتتسم بالمرونة وقابلية التوسع – وهذا يعني أن بوسع الشركة زيادة أو تقليل الحجم حسب الحاجة، وإمكانية إدارة التكلفة بمزيد من الكفاءة. ولهذا فمن المهم عند وضع دراسة الجدوى وتحليل التكاليف المادية، مقارنتها مع التكاليف السحابية مع التركيز بشكل كافٍ على عنصر القيمة الرئيسي، وهو المزايا المتحققة للأعمال.

الخطأ الرابع – الانتقال: لا يمكن التراجع بعد الانتقال إلى البنية السحابية

يقوم مزودو الخدمات السحابية عادة بإعداد نسخ للمحتوى الذي تم تحميله، وتخزين تلك النسخ في مواقع متعددة كنسخ احتياطية في حال تعرض مراكز البيانات لأية مشاكل. يضمن ذلك عدم إتلاف البيانات أو فقدانها بشكل نهائي. وبحسب الأبحاث التي أجرتها آي اتش اس ماركيت، فإن المؤسسات التي تنتقل إلى البنية السحابية تستمر في التنقل بين التخزين المادي والسحابي بشك متكرر إلى أن تتوصل إلى أفضل طريقة لاستخدامها. وبالمثل، يمكن للمؤسسات المالية والبنوك اعتماد نموذج سحابي هجين يجمع بين البنية السحابية العامة والخاصة – وهو ما يعتبر من أفضل الممارسات في المجال، إذ أنه يحقق قدرًا كبيرًا من المرونة ويسمح بحريّة تنقل أحمال العمل بين كلا البيئتين.

أثبتت جائحة كوفيد-19 لمالكي الشركات أن مكان العمل المرن لم يعد مجرد رفاهية أو خيار. ويمكن للتقنيات السحابية أن تتيح للمؤسسات المالية مرونة كبيرة في أساليب عمل الموظفين وسير الأعمال، كما أن طبيعتها فائقة المرونة تجعلها ذات تكلفة معقولة للغاية وبخاصة على المدى الطويل. وفي ظل السرعة الهائلة التي تتغير بها ديناميكيات السوق، تسمح البنية السحابية للبنوك بالتغلب على المنافسين من خلال التطور السريع لمواكبة المستجدات، فهي تمكنهم من التوسع في البنية السحابية أو التقليل من حجمها استجابة لنبض القطاع – بينما تحقق الحماية ضد البرمجيات الخبيثة والجرائم السيبرانية.

عن المؤلف

شيماء زامل

التسويق على مواقع التواصل الإجتماعي، كاتبة محتوى إبداعي، مترجمة من اللغة العربية الى الإنجليزية، مديرة مجتمع

اخر الأخبار

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com