حدد الصفحة

التوائم الرقمية والذكاء الاصطناعي تحدثان ثورة في عمليات التشغيل الصناعية

التوائم الرقمية والذكاء الاصطناعي تحدثان ثورة في عمليات التشغيل الصناعية

رون بيك، مدير استراتيجية التسويق لدى شركة “آسبن تكنولوجي”

لم يعد “التوأم الرقمي” مصطلحاً جديداً، لكن ذكره عادةً ما يقترن بمسيرة تقدم الذكاء الاصطناعي، كما أن أهميته وقيمته تتنامى على صعيد مسيرة التحول الرقمي للعمليات الصناعية، ما يخلق قيمة مضافة للأعمال. وتقوم تقنية التوأم الرقمي، التي تعمل على توليد صورة متطورة عن الأصل أو العملية في المصنع، برصد الرؤى حول الأداء على امتداد دورة حياة المصنع (بدءاً من تصميم العمليات، وعمليات التشغيل، وصولاً إلى الصيانة).

بالإضافة إلى ذلك، تزداد درجة الذكاء التي تعمل وفقها تقنية التوأم الرقمي عند استخدامها من قبل مستثمري تقنية الذكاء الاصطناعي، لدرجة أنها تصبح قادرة على وصف الإجراءات الواجب اتخاذها على أرض الواقع، ما يتيح للشركات إمكانية إعادة التهيئة في الزمن الحقيقي، وضمن جملة من الخيارات الموجهة بالحقائق والعمليات البديلة، وذلك بهدف الحد من المشاكل التي يتعرض لها المصنع، كتوقف العمل أو تعسر عملية الإنتاج.

التوقعات الاقتصادية المستقبلية التي تجتاح أسواق الطاقة

في ظل حالة التذبذب وعدم اليقين والتساؤلات المطروحة حول التوقعات الاقتصادية المستقبلية التي تجتاح الأسواق حالياً، تبحث المنشآت الصناعية عن طرق جديدة لتعزيز مستوى الكفاءة والربحية، لكن الأهم من ذلك يكمن في سعيها لضمان أمن وسلامة العمليات. ونظراً لعمل المصانع في الوقت الراهن ضمن حالة غير مألوفة من التراجع الكبير في الطلب، تُصبح التكنولوجيا الخيار الأمثل والأوحد لتحقيق مساعيها على أرض الواقع.

من جهةٍ أخرى، ينظر المدراء إلى التقنيات الرقمية باعتبارها المسار الرئيسي لتوليدهم الرؤى المدروسة والثاقبة المتعلقة بأمن وسلامة المعدات والتجهيزات، دون الحاجة لجهد وتواجد العمال في المصنع. فلم يعد التوأم الرقمي والذكاء الاصطناعي من مصادر الإلهام المستقبلية، كما كانا عليه في السابق، فقد برهنا على قوة تأثيرهما على صافي دخل الكثير من المنشآت الصناعية.

القدرة الكامنة وراء تقنيتي التوأم الرقمية والذكاء الاصطناعي

تكمن الأهمية في القدرة على توليد رؤى لا يستطيع لأي إنسان مجاراتها، وذلك فيما يتعلق بسلامة المعدات ومخاطر السلامة المستقبلية. فالاستفادة من تقنيات التوأم الرقمي والذكاء الاصطناعي معاً سيؤهل الشركات وبقوة من معالجة بعض التحديات القديمة التي تواجهها في عمليات المصانع، وذلك بطرق جديدة وأكثر فعالية.

فتقنية التوأم الرقمي تقوم بإنشاء نسخ افتراضية من المواقع، وعمليات المصنع، وعمليات الشركة، والأصول الفعلية للمؤسسة، ما يُمكّن مُشغلي المصنع (عند استثمارها مع تقنية الذكاء الاصطناعي) من توليد القيمة انطلاقاً من بيانات المصنع، والتي بإمكانهم الاستفادة منها من أجل تحسين مختلف أنواع العمليات في المصنع.

وتعمل كلتا التقنيتان بشكل أساسي على رصد كل ما يحدث في المصنع، ومن خلال رؤى البيانات التي يوفرانها، فإنهما تستطيعان مساعدة مُشغلي المصنع الوصول إلى قرارات تشغيلية أفضل، ما يؤدي إلى تحقيق التميّز التشغيلي بدرجة أعلى.

الأهمية الكامنة وراء التوأم الرقمي في تحقيق عمليات الاستدامة

علاوةً على ذلك، وبعيداً عن التوقعات الاقتصادية، هناك ضغط متنامي يُثقل كاهل العالم الصناعي في الوقت الحالي، ويتمثل في إيجاد طرق صديقة للبيئة بدرجة أكبر لتصنيع المنتجات، وسبلٍ رائدة لتعزيز استدامة الشركات عبر خفض، بل حتى إلغاء، انبعاثات الكربون منها. ومن قبيل الصدفة، تلعب التوائم الرقمية والذكاء الاصطناعي معاً دوراً حيوياً وجوهرياً في تحقيق هذا الحلم (جعل العالم صديقاً للبيئة بدرجة أكبر).

وإذا تعمّقنا في المفهوم الحقيقي للتوأم الرقمي عند هذه النقطة بالتحديد، سنجد بأن روعة هذه التقنية تكمن في قدرتها على منح الشركات مراقبة واضحة ومفصلة لعملياتها، كما أنها تزودها برؤية ثاقبة تتمثل في طرح مجموعة متنوعة من سيناريوهات سير عمل وعمليات المصنع، والمساهمة في الكشف عن نقاط تمركز أفضل الكفاءات.

في المقابل، ومن خلال استقصاء البيانات والاستفادة من الخبرات المتراكمة لها في هذا المجال، تعمل تقنية الذكاء الاصطناعي وبشكل أساسي بمثابة المحرك لتقنية التوائم الرقمية، ما يجعلها أكثر ذكاءً. وتنبع هذه الكفاءة الجديدة من عدة عوامل، وهي

  • تقليص الحاجة لتدخل الأشخاص ضمن مناطق العمل الخطرة في المصنع، أو نقلهم إلى المناطق البعيدة والنائية
  • استثمار بيانات الأصول المتراكمة من أجل توليد رؤى جديدة، وللتمتع بالقدرة على تحسين عدة أهداف
  • تحسين زمن تشغيل المصنع عن طريق رفع مستوى التنبؤ بحدوث الأعطال المستقبلية، والحفاظ على سلامة الأصول بكفاءة أعلى.

تبرز أعمال الصيانة كجانب آخر للاستفادة من إمكانيات وقدرات تقنيات الذكاء الاصطناعي والتوأم الرقمي، حيث بإمكان عملاء تقنيات التوأم الرقمي المدعومة بالذكاء الاصطناعي التنبؤ قبل أسابيع من تعطل الأصول، مع تحديد العوامل المسببة لذلك. عندها تستطيع تقنيات التوائم الرقمية وضع جملة من الإجراءات العملية للحفاظ على سلامة المعدات، وذلك كي تتمكن المنشآت الصناعية من الحد قدر الإمكان من زمن التوقف عن العمل.

أما موضوع الاستدامة، فإنه يتطلب إعادة التفكير في هيكلة العمليات المثالية. فبالإضافة إلى مواضيع السلامة والإنتاجية والجودة والتكاليف، أصبح إلغاء انبعاث الكربون بالكامل والاقتصاد الدائري وانبعاثات الغازات الدفيئة حالياً من المعايير الهامة والحاسمة. لذا، نجد بأن التكنولوجيا تلعب في هذا المسار دور المحرك الرئيسي للاستدامة.

بالمضي قدماً، نجد بأن من أهم الفوائد التي تتمتع بها تقنية التوأم الرقمي هي قدرتها على المساهمة في تدريب مُشغلي المصانع بشكل افتراضي، فهي توفر الكثير من سيناريوهات عمل المصانع عالية الخطورة، بما فيها سيناريوهات بدء التشغيل، وإيقاف التشغيل، وإجراءات الاستجابة للطوارئ. وتتطلب إدارة بيئة المصنع خبرة واسعة في مجال إجراء التجارب الفعالة، لكن من النادر ممارسة وتجريب مثل هذه الحالات النادرة بالدرجة الكافية. لذا، تعود أجهزة التدريب بتقنية المحاكاة الافتراضية بالفائدة الكبيرة في هذا المجال، على غرار جهاز محاكي الطيران التجريبي لتدريب الطيارين.

أخيراً، عادةً ما يتم توجيه هذا السؤال لي: “هل يعني هذا أنه سيتم تقليص عدد العاملين في المنشآت الصناعية؟”، وإجابتي هي أن ما ستقوم به تقنيات التوائم الرقمية والذكاء الاصطناعي هو تحرير وإطلاق الخبرات القيمة التي يختزنها العمال والمشغلين وموظفي الصيانة، كي يتمكنوا من إنجاز المزيد من الأعمال ذات القيمة المضافة، الأمر الذي سيؤدي إلى تطبيق استراتيجيات الأعمال بدرجة أمثل، واتخاذ قرارات أكثر مرونة على كافة المستويات، في ظل حالة عدم الاستقرار المتنامية التي يشهدها العالم حالياً.

اخر الأخبار

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com