تعزيز معايير وممارسات الأمن السيبراني مطلب جماعي لضمان سلامة الفضاء الرقمي
أتاح التقدم السريع للتقنيات الحديثة مثل شبكات الجيل الخامس، وإنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي – فرصاً جديدة للنمو والابتكار، ولكنه فرض في الوقت نفسه تحديات جديدة لناحية الأمن السيبراني والجرائم الإلكترونية. وعلى ضوء الطبيعة الأكثر ترابطاً لشبكات الاتصالات وتقنية المعلومات الحديثة، يمكن لنقطة ضعف واحدة أن يكون لها عواقب بعيدة المدى بما يؤثر على ملايين المستخدمين الأفراد وأعمال الشركات وبالتالي يسبب أضراراً اقتصادية كبيرة. ولذلك، يتعين على المعنيين بالقطاع مواصلة العمل وفقاً لأعلى درجات التعاون في سبيل إرساء الأطر القوية التي تضمن توفير الابتكارات التقنية وآليات العمل في مواجهة التهديدات السيبرانية متسارعة التطور.
إن تفاوت المبادئ التوجيهية للدول بحسب طبيعة أسواقها يعد من أبرز التحديات في معالجة مخاطر الأمن السيبراني. لكن الجيد في الأمر وجود مبادئ وسياسات ومعايير دولية من المنظمات المتخصصة تعتبر دليلاً إرشادياً وقاموساً موثوقاً يصلح لكافة الأسواق. مثال ذلك نظام ضمان أمن معدات الشبكات (NESAS) وقاعدة معارف الأمن السيبراني لشبكات الهاتف المحمول (MCKB) من الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول (GSMA) اللذان يهدفان لسد الفجوة في مجال معايير شبكات الاتصالات النقالة من خلال توفير إطار عمل مشترك لتقييم أمن معدات الشبكة وتبادل المعرفة حول مخاطر الأمن السيبراني وأفضل تدابير الحد منها. ومن خلال الترويج لاعتماد معايير دولية موحدة ومتفق عليها نظراً لفاعليتها ونتائجها الموثوقة كالمثالين المذكورين، حيث تسعى المنظمات الدولية المتخصصة كالجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول للمساهمة ببناء نظام إيكولوجي رقمي أكثر أماناً يكون محط ثقة كافة المعنيين بقطاع الاتصالات من صانعي السياسات والمنظمين والمشغلين وموردي المعدات على حد سواء، بما يعود بالنفع على الدول الساعية وراء الاستفادة من موجات تطور شبكات الاتصالات وآخرها الجيل الخامس (5G) والجيل الخامس المتقدم (5.5G) الذي أعلنت شركة هواوي الصينية عن نشره تجارياً في عدد من دول المنطقة خلال العام الحالي 2024.
“منتدى سياسات وحوكمة تقنية المعلومات والاتصالات دول المنطقة” الذي نظمته وأدارته الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول في إطار فعاليات المؤتمر العالمي للجوال شنغهاي 2024، الحدث الأبرز عالمياً شكل منصة تواصل وحوار قيمة لقيادي قطاع الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى. وضم المنتدى طيفاً واسعاً من الجهات التنظيمية وشركات الاتصالات من دول المنطقة، بالإضافة لممثلين عن الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وشركة هواوي، وذلك بهدف مناقشة مستقبل سياسات القطاع وتطبيق أفضل معاييره وممارساته الناجحة عالمياً، وتبادل الرؤى حول توجهاته الرئيسية.
مع تنامي أهمية الخدمات الرقمية في حياتنا اليومية، بات ضمان أمن الشبكات ومرونتها يشكّل أولوية قصوى لصانعي السياسات والهيئات التنظيمية وأصحاب المصلحة في القطاع وقد استهدف المنتدى بالدرجة الأولى تسليط الضوء على سبل تعزيز اعتماد نظام ضمان أمن معدات الشبكة (NESAS) وقاعدة معارف الأمن السيبراني لشبكات الهاتف المحمول (MCKB) المعنيان بمواجهة تحديات الأمن السيبراني المتزايدة التي يواجها قطاع الاتصالات.
وأكد خبراء القطاع خلال المنتدى على ضرورة اتباع نهج يشمل جميع أصحاب المصلحة، وينطوي على تعاون وثيق بين الحكومات والهيئات التنظيمية والمشغلين والموردين وغيرهم من الجهات الرئيسية الفاعلة انطلاقاً من مبدأ عدم قدرة أي كيان بمفرده على مواجهة التحديات المعقدة للأمن السيبراني، وبالتالي لا بد من تضافر جهود جميع المعنيين من أصحاب المصلحة على مستوى الدول والمنظمات المحلية والدولية المتخصصة وشركات القطاعين العام والخاص لإنشاء بنية تحتية رقمية مرنة تتمتع بأرقى معايير الأمن.
وتتوفر اليوم آلية تقييم موحدة ومحددة للأمن السيبراني مشتركة بين الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول ومشروع شراكة الجيل الثالث والمنظمات الرائدة في وضع المعايير في قطاع الاتصالات عن الأمن السيبراني للجيل الخامس. وشاركت شركة هواوي في مجال توحيد معايير الأمن السيبراني للاتصالات تحت قيادة العديد من المنظمات الدولية كالجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول، وقطاع تقييس الاتصالات بالاتحاد الدولي للاتصالات ITU-T، ومشروع شراكة الجيل الثالث (3GGP)، وفريق عمل هندسة الإنترنت (IETF)، وغيرها. كما تعاونت الشركة مع منظمات تُعنى بأمن الإنترنت، مثل فريق الاستجابة للطوارئ الحاسوبية في منظمة التعاون الإسلامي (OIC-CERT) ومنظمة “فيرست”، ودخلت في شراكة مع عدد من أبرز الشركات المتخصصة في مجال ضمان الأمن السيبراني.
جواد عباسي، رئيس الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أدار نقاشات المنتدى مؤكداً على أن الجمعية تحرص على استكشاف جميع الاعتبارات الأمنية بما في ذلك أمن تصميم ونماذج طرح شبكات الجيل الخامس، ومختلف الأنشطة الأمنية لشبكات المحمول. وأن الممارسات والسياسات الأمنية الجيدة لموردي القطاع تلعب دوراً بالغ الأهمية في هذا السياق. وأنه يتعين على النظام الإيكولوجي للهواتف المحمولة اليوم أكثر من أي وقت مضى المساهمة في الارتقاء بسياسات ومخرجات الطيف الترددي، ودفع عجلة الابتكار الرقمي لضمان تكافؤ الفرص في عالمنا ومعالجة التحديات المجتمعية الراهنة”.
وركز جيف وانغ، رئيس قسم العلاقات العامة والاتصالات في هواوي عالمياً، في افتتاح المنتدى على ثلاثة محاور باعتبارها الأهم بالنسبة لجني ثمار الرقمنة وهي تعزيز قدرات الاتصال، والتركيز على احتضان التطبيقات الرقمية، والتعاون في مجال تمكين المواهب الرقمية.
اليوم، تولي لحكومات في جميع أنحاء العالم اهتماماً أكبر بالأمن السيبراني وحماية الخصوصية، واعتمدت قوانين ولوائح تنظيمية لتعزيز إدارة الفضاء السيبراني وحماية البيانات الشخصية. في هذا الإطار. وقد ركزت نقاشات جلسة “الأمن السيبراني” في المنتدى على بناء نظام إدارة أمن معلومات الاتصالات لإدارة قضايا الأمن السيبراني التي تواجهها شركات الاتصالات اليوم على مستوى العالم. وشملت كذلك موضوعات رئيسية مثل الأدوار والمسؤوليات المناطة بمختلف المعنيين بالقطاع، وتطبيق الأمن السيبراني الشامل للاتصالات بالتعاون بين الشركاء، وسبل تعزيز الهيئات التنظيمية للأمن السيبراني للاتصالات.
لين يانكينغ، المستشار الأول لسياسات القطاع والشؤون العامة والحكومية لدى هواوي؛ والدكتور ألويسيوس تشيانغ، كبير مسؤولي الأمن السيبراني لدى هواوي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أكدا أن الشركة تعتمد نهج التعاون المنفتح في مجال توحيد معايير الأمن السيبراني للاتصالات وتطبيق أفضل ممارساته. وقال تشيانغ: “في الوقت الذي نرسم فيه رحلتنا إلى المستقبل الرقمي، من الضروري أن يحمي الأمن السيبراني ثقة ومرونة الشبكة والفضاء السيبراني والميتافيرس باعتبار أن البيانات هي النفط الجديد الذي يعمل على تحويل أصول المؤسسات إلى رقمية أو افتراضية بشكلٍ متزايد؛ ويجب لذلك تبني ثقافة الانفتاح والشفافية والتعاون. وبتضافر جهود المنظمات الدولية المعنية مثل الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول، يمكننا الاستفادة من إنجازاتها المهمة في هذا المضمار مثل نظام ضمان أمن معدات الشبكة وقاعدة معارف الأمن السيبراني لشبكات الهاتف المحمول، اللذين يرسيان الأسس اللازمة لضمان حماية النطاق الترددي العريض لشبكات الجيل الخامس والجيل الخامس المتقدم وما بعدهما”.
وتعتبر هواوي من أوائل الشركات التي اجتازت تقييمات معايير نظام ضمان أمن معدات الشبكة وSCAS 2.0 لمحطتها الأساسية لشبكات الجيل الخامس وعمليات تدقيق نظام ضمان أمن مدات الشبكة لشبكة الوصول الراديوي (RAN) وشبكتها الأساسية. ومع ظهور شبكة الجيل الخامس، أدركت الدول الأعضاء ضرورة إعطاء الأولوية للجانب الأمني لهذه التكنولوجيا القادمة، وأنشأت لهذه الغاية فريق عمل أمن الجيل الخامس للجمعية العامة لفريق الاستجابة للطوارئ الحاسوبية في منظمة التعاون الإسلامي (OIC-CERT). ويعدُّ إطار عمل أمن الجيل الخامس لفريق الاستجابة للطوارئ الحاسوبية في منظمة التعاون الإسلامي الذي تشارك به الشركة أيضاً بمثابة اتفاقية إدارة متقدمة تحدد المعايير العالمية للتشغيل الآمن لشبكة الجيل القادم. ويشمل هذا الإطار التعاون الدولي، وتقييم المخاطر وإدارتها، ونضج قطاع الأمن السيبراني، والمصادقة وإدارة الهوية، وحماية الخصوصية والامتثال للقوانين الدولية.
مع تطور المشهد الرقمي، سيبقى الأمن السيبراني أولوية قصوى لقطاع الاتصالات. وتعد جهود الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول لتعزيز معايير وأفضل ممارسات القطاع، إلى جانب التزام اللاعبين الرئيسيين مثل هواوي باعتماد وتطوير هذه المعايير، خطوات حاسمة نحو بناء نظام إيكولوجي رقمي أكثر أماناً ومرونة. ومن خلال تعزيز التعاون والابتكار والثقة، يمكن للقطاع إطلاق العنان للإمكانات الكاملة للتقنيات الناشئة مع حماية مصالح الشركات والمستهلكين على حدٍ سواء.
