حدد الصفحة

دعم مستقبل العمل عن طريق إحراز التحوّل في بيئات العمل المختلطة

دعم مستقبل العمل عن طريق إحراز التحوّل في بيئات العمل المختلطة

رفعت الكرمي | مهندس استشاري، MIST – جونيبر نتوركس

يدرك صنّاع القرار في إدارات تكنولوجيا المعلومات تماماً حجم التحديات المفروضة على الشبكات، وفي الوقت ذاته تواصل مؤسسات عديدة تعديل بنياتها التحتية وعملياتها الخاصة لتقديم الدعم الكامل لبيئة العمل المختلطة، بينما يمثّل الأمن والاتصال جوهر التحوّل.

ويبدو واضحاً أن تلك الإدارات تحتاج إلى المهارات المناسبة حتى تتمكن من الارتقاء بقدرات الشبكة. وعندما يتعلق الأمر ببيئة العمل المختلطة الناجحة، تبرز الأهمية القصوى لتوظيف الفريق المناسب. ومع ذلك، يتعيّن على المؤسسات تحقيق التوازن الصحيح بين حماية موظفيها وبياناتهم، إلى جانب إتاحة الحرية اللازمة للفرق للعمل بالطريقة التي تناسبهم. وستكون المؤسسات مجهزة على النحو الأمثل لمستقبل العمل، وتحقيق المزيد من التحولات التكنولوجية التي تلوح في الأفق، إذا ما تمكنت من تبنّي هذا التغيير.

مع ذلك، تتبادر إلى الأذهان سؤال في منتهى الأهمية، ألا وهو: هل يوفّر مديرو إدارات تكنولوجيا المعلومات الدعم الصحيح لاحتياجات العمل لموظفيهم؟ ينبغي أن يكون العمل المختلط متاحاً وآمناً وفعالاً على أقل تقدير لمن يحتاجون إليه، أو للأشخاص الذين يريدون العمل بهذه الطريقة. ويبدو أن العديد من الشركات تواجه عقبات تكنولوجية وأخرى تتعلق بالتوظيف، الأمر الذي يحتّم عليها تجاوزها قبل العمل على تحقيق هذه الرؤية.

تحديات الربط الشبكي

لم يصل العمل المختلط إلى مستوى الرسوخ حتى الآن، مع أن العديد من القضايا ذات الصلة تنتشر على نطاق واسع. ومن ذلك على سبيل المثال، تشير الأبحاث التي أجرتها “جونيبر نتوركس” إلى أن جميع مديري تكنولوجيا المعلومات تقريباً (97%) ممن شملهم الاستطلاع عبر أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، قد واجهوا بعض تحديات الربط الشبكي على الأقل مع العمل المختلط في شركاتهم. ومع ذلك، يبدو هذا متناقضاً مع آراء العاملين في المكاتب، إذ يقول 78% منهم “فقط” أن هناك تحديات تتعلق بالاتصال.

ويُرجّح بحثنا أيضاً أن مديري تكنولوجيا المعلومات يطرحون مشاكل تتعلق بإدارة الاستعلامات الواردة لمكتب مساعدة تكنولوجيا المعلومات (57%)، وفي المتوسط، يتعلق 29% من المكالمات أو طلبات الخدمات عبر الإنترنت إلى مكتب مساعدة تكنولوجيا المعلومات في شركاتهم بتحديات التواصل مع العمل المختلط أو العمل من المنزل. ويدل هذا على الضغط الذي تتعرض له إدارات تكنولوجيا المعلومات. ومع أن عدداً أقل من العاملين في المكاتب يواجهون المشاكل ذاتها، قد يعزى ذلك إلى العمل الجاد الذي تقوم به فرق تكنولوجيا المعلومات، خاصة أولئك الذين يتمتعون بالخبرة الجيدة في التغلب على التحديات داخل بيئة المكتب قبل أن تشعر بها الشركة على نطاق أوسع.

نظرة عامة على الأمن

عند العمل على تعزيز أنظمة الأمن الداخلي، يجب على إدارات تكنولوجيا المعلومات الحرص على إيجاد علاقة متوازنة بين الاحتياجات الحالية والمستقبلية. وبما أن أن الموظفين يعملون خارج محيط المكتب، يواجه مديرو تكنولوجيا المعلومات بعض التحديات عند قيامهم بالأعمال المتعلقة بحماية حدود الشبكة المتغيرة باستمرار. ورغم أن الخوادم السحابية تكون آمنة في العادة، ويسهل الوصول إليها من خارج موقع الشركة، يظل هناك دائماً خطر تعرض البيانات للتهديدات. وقد يساعد تنفيذ الإجراءات الأمنية المستندة إلى الشبكة في تقليل مخاطر اختراق البيانات، ومن الأمثلة على تلك الإجراءات التحكم الدقيق في الوصول والتشفير للبيانات أثناء النقل.

بيد أن ما يدعو للأسف في هذا الشأن، احتمال وقوع مشاكل تشغيلية نتيجة لذلك. ويسلط بحثنا الضوء على التوتر بين توفير الوصول السلس للمستخدمين من جهة، وبين اعتماد نهج أمني صارم من جهة أخرى، حيث يشعر 72% من العاملين في المكاتب بنوع من التعارض في هذا الصدد.

وإذا كانت الشركات تخطط لمواصلة استخدام شبكاتها الافتراضية الخاصة الحالية، ربما لا يكون هذا هو القرار الأفضل. وحتى تتمكن من الاستعداد الكامل لما قد يحمله مستقبل العمل، يجب استبدال جدران الحماية التقليدية بنماذج أمنية متصلة قادرة على فحص جميع الحركات الداخلية والخارجية للشبكة، إضافة إلى مراقبة التطبيقات الرئيسية، وتوفير خدمات الحماية من التطفل والكشف عن تلك الأنشطة. وللحفاظ على أمن المعلومات الحساسة وتحسين أداء الشبكة في نهاية المطاف، يعد الاستثمار في الشبكات الواسعة القائمة على البرمجيات (SD-WAN) مسألة مهمة للغاية.

تضييق فجوة المهارات

مع أن أمن تكنولوجيا المعلومات يثير الكثير من التحديات، يحظى التوظيف ومهارات تكنولوجيا المعلومات الأساسية بنفس القدر من الاهتمام. ويبدو من غير المرجح أن تختفي هذه المشاكل قريباً عند الاعتماد على الأساليب الحالية على الأقل. ويكشف بحثنا أن أربعة من كل عشرة (40%) من مديري تكنولوجيا المعلومات يقولون إن التكنولوجيا المستقبلية لا تُؤخذ في الحسبان عند التوظيف، كما يعترف ما يقرب من ثمانية من كل عشرة (79%) أنهم سيحتاجون إلى توظيف مجموعات متنوعة من المهارات في غضون السنتين إلى السنوات الخمس القادمة. وإذا أرادت إدارات تكنولوجيا المعلومات الحفاظ على شبكات شركاتها بطريقة تسمح لها بدعم احتياجات العمل المختلطة، سيكون لزاماً عليها معالجة هذه المشكلة.

ولا يزال التهديد الذي يواجه نجاح الصناعة قائماً. وبناءً على بحث أجرته وكالة “سيلز فورس”، يشعر ما يقرب من 75% من الموظفين أنهم ليسوا مجهزين لتعلم المهارات الرقمية اللازمة لمستقبل العمل، بينما يشارك 28% فقط في برامج تعلم المهارات الرقمية والتدريب.

ومن بين الطرق التي تساعد على تمكين الفرق، ضمان أداء عملهم اليومي بطريقة هادفة ومجدية. ولتحقيق ذلك على النحو الأمثل، يجب على إدارات تكنولوجيا المعلومات إدراك إمكانية الجمع بين حلول الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري. وعن طريق استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، يمكن للموظفين أتمتة المهام الروتينية، الأمر الذي يوفر لهم الوقت الكافي للتركيز على المهام القيّمة. وإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين العمليات، إضافة إلى حل المشاكل المعقدة أيضاً.

التطلع إلى المستقبل

تنتشر ممارسات العمل المختلطة على نطاق واسع، لكن إدارات تكنولوجيا المعلومات لا تزال تكافح في الكثير من الأحيان لتلبية توقعات الموظفين. وتبرز أيضاً مشكلة عدم التوافق بين أولويات تلك الإدارات وبين أولويات الموظفين.

ويختلف التأثير العملي بطبيعة الحال لهذا التناقض بين إدارة تكنولوجيا المعلومات والموظفين اعتماداً على القطاع الذي تعمل فيه الشركة، وكمية المعلومات الحساسة أو السرية التي تشاركها مع الأطراف الأخرى. ويجب أن تسعى إدارات تكنولوجيا المعلومات لتحسين اتصالاتها مع بقية الشركات للحصول على رؤية أفضل للقضايا الرئيسية، لتتمكن في نهاية المطاف من تركيز جهودها على تحسين الشبكة.

ويتضح ممّا سبق أن المؤسسات ستحتاج إلى العمل الجاد لتبسيط الربط والأمن والمسائل التشغيلية للعمل المختلط. وينبغي على الشركات في الوقت الراهن إيجاد طريقة لتحقيق التوازن بين ممارسات العمل الآمنة والعمل الذي يمكن الوصول إليه، مع إبقاء الموظفين في قلب كافة القرارات التي تتخذها في نفس الوقت.

اخر الأخبار

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com