حدد الصفحة

فريضة الحج.. جسر للتواصل بين الشعوب ونقل الثقافات

فريضة الحج.. جسر للتواصل بين الشعوب ونقل الثقافات
  • المملكة توفر نظام اتصال عالميًّا يخدم 3 ملايين حاج سنويًّا 
  • خدمة “واتساب” بـ8 لغات لتوعية الحجاج على مدار الساعة

يعدُّ التواصل جزءًا لا يتجزأ من الوجود البشري، فهو ضروري لبناء علاقاتٍ اجتماعيَّةٍ صحية، وإيجاد وسيلة رئيسة للتفاعل البشري، والربط بين الحضارات والثقافات، وجسر الهوة بين الشعوب والبلاد، حيث تلعب المحادثات وتبادل المعلومات دورًا مهمًا في تعزيز العلاقات الإنسانية سواء في البيئات الاجتماعية، أو التجارية، أو التعليمية، أو الإدارية.

ومن خلال التواصل يمكن مشاركة وجهات النظر والآراء مع الآخرين، والوصول للفهم المتبادل، وحل النزاعات، والتعاون، وبناء علاقات قوية وجديرة بالثقة، لذلك فإن أيّ خَلَل فيه سيؤدّي إلى اضطرابات وفوضى.

لقد ارتبط الإسلام منذ نشأته وحتى اليوم ارتباطًا وثيقا بالتواصل، إذ أرسل الله الأنبياء وأنزل الكتب المقدسة بهدف التواصل مع الناس، ودعوتهم إلى توحيد الله تعالى، وترك الكفر والشرك بغير الله، كما دعت التعاليم الإسلامية إلى الحقوق الأساسية المتعلقة بالتواصل، مثل: حقوق تعلم القراءة، والكتابة، والتحدث، فضلًا عن التواصل خلال فريضة الحج التي تركز على جمع ملايين المسلمين على صعيد جبل عرفات الطاهر لأداء ركن الحج.

وأوضحت W7Worldwide للاستشارات الاستراتيجية والإعلامية، في تدوينة لها عن موسم الحج، أن فريضة الحج أفضل مثال على قوة التواصل، فهي تتضمن ثلاثة أنواع أساسية من التواصل؛ وهي: التواصل مع الله، والتواصل في الحرم المكي (التواصل مع المصلين/ الحجاج)، وإدارة التواصل. 

التواصل مع الله

لقد خلق الله تعالى الإنسان بقدرة فطرية على التواصل، كما جاء في الآية (4) من سورة الرحمن “علمه البيان”، وهناك الكثير من أشكال التواصل مع الله، وعلى رأسها الحج بصفته التعبير الأكثر وضوحًا عن التواصل والتجربة الروحية التي يتطلع كل مؤمن إلى تحقيقها في حياته.

وتبرز فريضة الحج وشعائره قوة التواصل مع الله، حيث يشارك الحجاج صلواتهم، ويعبرون عن أحزانهم، وأفراحهم، واحتياجاتهم بشكل يومي، وخاصة في يوم عرفات الذي يتدفق فيه الحجاج إلى جبل عرفات؛ لقضاء اليوم في الصلاة، والتواصل العميق مع الله تعالى حتى غروب الشمس.

التواصل في الحرم 

يجتمع المسلمون من جميع أنحاء العالم في الحرم المكي لأداء مناسك الحج والعمرة، وعلى الرغم من اختلاف لغاتهم إلا أنهم يجتمعون، ويتبادلون التحية والابتسامات، ويرفعون أيديهم دون تحدث، وهو ما يُعرف باسم “لغة الحرم” أو التواصل الصامت، وهو أكثر وسائل الاتصال فعالية، والتي يتم استخدامها عندما تكون اللغة عائقًا للتواصل.

ويهتم المتطوعون وأصحاب المتاجر بالقرب من منطقة الحرم المكي بتعلم لغات عديدة من خلال التواصل المباشر مع الحجاج، فعلى سبيل المثال: يقول صاحب متجر من دولة ميانمار، إنه تعلم ما لا يقل عن عشر لغات خلال مدة عمله التي استمرت سبعة عشر عامًا بالقرب من الحرم.

وقال تقرير حديث، إن رجل أعمال سعودي تعلم اللغة التركية، والماليزية، وبعضًا من الروسية في مدة تتراوح من 2 إلى 3 سنوات فقط.

إدارة التواصل 

تحتل المملكة العربية السعودية مكانة رائدة عالميًا في إدارة الحشود؛ بسبب تعاملها المميز في موسم الحج، وتوفّر المملكة نظام اتصال عالميًّا يخدم ما يقرب من 3 ملايين حاج ممن يحظون بهذه التجربة الروحية الفريدة كل عام.

كما أنشأت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات (CITC) -الجهة التنظيمية الرقمية في المملكة- بنية تحتية للاتصالات تعمل بكامل طاقتها، وتضم أكثر من 5900 برج اتصالات، وأكثر من 11000 نقطة اتصال Wi-Fi في المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، كما قامت بزيادة عدد أبراج شبكة 5G بنسبة 41% لتصل إلى أكثر من 2600 برج؛ ممّا عزّز التجربة الرقمية للحجاج بشكل كبير.

ويقوم مسؤولو وزارة الحج والعمرة بالتواصل مع الحجاج منذ لحظة وصولهم بالترحيب بهم، وتقديم التوجيهات والنصائح لهم بلغاتهم المختلفة، كما يتم توزيع كتيبات، وأفلام، ونسخ من القرآن الكريم، وأشرطة بـ 32 لغة مختلفة على ملايين الحجاج، بالإضافة إلى إطلاق تطبيق مجاني للهواتف الذكية يقدم شرحًا مبسطًا لشعائر الحج بأربع لغات هي: الإنجليزية، والعربية، والإندونيسية، والأردية.

كما أطلقت الوزارة خدمة الواتساب للإجابة على استفسارات الحجاج على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع بـ8 لغات هي: العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والأردية، والإندونيسية، والتركية، والبنغالية، والهوسا، كما عيّن حوالى 700 مترجم لمرافقة الضيوف ومساعدتهم أثناء موسم الحج.

وسائل الاتصال الحديثة

مع التقدم التكنولوجي وظهور وسائل الاتصال الحديثة والتواصل الاجتماعي، حولت المملكة رحلة الحج الشاقة التي كانت تتسم بمحدودية الاتصال وصعوبة التواصل إلى تجربة حج سهلة وآمنة تتيح للحجاج إمكانية التواصل مع عائلاتهم وأصدقائهم، والاطلاع على الأخبار والأحداث العالمية لحظيًّا.

وتتيح أجهزة الهواتف المحمولة للحجاج إمكانية توثيق تجاربهم في الحج؛ باستخدام كاميرات الهواتف لالتقاط الصور ومقاطع الفيديو، ومشاركتها على منصات التواصل الاجتماعي، والتي باتت تمتلئ  بصور شخصية “سيلفي” للحجاج في المدينتين المقدستين مكة والمدينة، بالإضافة إلى بث الفيديو المباشر الذي يتيح للحجاج إمكانية نشر المقاطع الحية من شعائر الحج، وعرض المواقع الإسلامية، ومشاركتها مع أصدقائهم وعائلاتهم بسهولة. 

وعلى الرغم من المزايا العديدة التي توفرها التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة وخاصة في موسم الحج، إلا أن هناك بعض المخاوف بشأن تأثير الاستخدام المفرط للهواتف الذكية والإنترنت خلال فريضة الحج وشعائره، حيث يراه بعضهم إلهاء عن التركيز في الصلاة والعبادة والدعاء لله سبحانه وتعالى.

لكن في المقابل، يرى آخرون أن التكنولوجيا الحديثة تتيح فرصة رائعة للحجاج لمشاركة مشاعر الفرح والتجربة الروحية مع عائلاتهم وأصدقائهم في الوقت الفعلي.

عن المؤلف

اخر الأخبار

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com