حدد الصفحة

ما هي الأسباب التي تدفع شركات تصنيع الرقاقات نحو ابتكار معالجات أصغر حجماً ؟

ما هي الأسباب التي تدفع شركات تصنيع الرقاقات نحو ابتكار معالجات أصغر حجماً ؟

لا بدّ وأن عشاق التكنولوجيا المواكبين لأحدث التوجهات في القطاع قد سمعوا أو قرأوا الأخبار المتداولة حول تأجيل إطلاق الرقاقات الجديدة بتقنية 10nm،. والتي كان من المخطط إطلاقها في عام 2016.
ولكن في البداية، ما الذي تعنيه هذه الأرقام؟ باختصار، أصبحت هذه الأرقام بمثابة مصطلح تسويقي يعرف المستهلك من خلاله مدى تطور هذا القطاع. إلا أن الأمور لم تجرِ على هذا المنوال تاريخياً! وتترافق هذه الأرقام مع أسماء مختلفة، حيث يفضل البعض تسميتها بتقنية المعالجة، بينما يتجه آخرون نحو اعتماد اسم عقدة المعالجة، أو حتى عقدة. كما ارتبطت هذه الأرقام سابقاً بمقاييس الترانزستورات على الرقاقة، مثل طول البوابة والحد الأدنى من الطبقة المعدنية، والتي كانت تتناسب تقليدياً مع حجم الترانزستور.
وتوقع قانون ’مور‘ تضاعف كثافة الترانزستورات في الدوائر المتكاملة كل 24 شهراً. ولتحقيق ذلك، كان لا بد من تقليص مكونات الترانزستورات بعامل 0.7 لكل عقدة، مما دفع نحو ظهور أسماء العقد. ومع اعتماد الشركات الصانعة على تصاميم أحدث وأكثر تطوراً للترانزستور، توقفت المعايير المذكورة أعلاه عن كونها المحرك الدافع لمبدأ ’تقليص المكعب‘ (Die Shrink). وفي الواقع، حافظ حجم البوابة في بعض العقد على ثباته، بينما تقلصت كافة مكونات الترانزستور الأخرى، مما أتاح للشركات تصنيع رقاقات أكثر كثافة.
ومع أبعادها الأصغر حجماً، ما زالت عقد المعالجة تقدم أداءً جيداً كمؤشرات تسلط الضوء على القفزات التي تم تحقيقها في تصنيع أشباه الموصلات. وفي ما لم تحقق بعض شركات تصنيع رقاقات الكمبيوتر النجاح مع العقدة 10nm، أطلقت شركات التصنيع التي تركز على الهواتف المتنقلة منتجات تجارية مزودة بتقنية 10nm.
فعلى سبيل المثال، قامت شركة ’تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة‘ بتصنيع منظومة المعالجة الرائدة SoC للمعالج ’كيرين 970‘ بتقنية 10nm، والتي تعمل عليها هواتف هواوي المتميزة: HUAWEI Mate 10 Series وHUAWEI P20 Series. ومع ذلك، سرعان ما ستتخلى التقنية 10nm عن مكانتها لصالح التقنية 7nm.
وبشكل عام، تتناسب كثافة الرقاقة طرداً مع الأداء المتميز وكفاءة استهلاك الطاقة. وفي ما يعتمد الأداء المتميز للطرازات السابقة على مدى سرعة تبديل الترانزستورات، من المقرر أن تتميز الطرازات الأخيرة بمستويات مقاومة أقل، مما يعني انخفاض متطلبات الطاقة اللازمة لتبديل الترانزستورات. كما يرتبط مقدار الطاقة التي تستهلكها الرقاقة طرداً مع الحرارة الناتجة عن عملها. ويعتبر الأداء الحراري أمراً بالغ الأهمية لضمان تجربة مستخدم جيدة – إذ يُعد حمل الهاتف ذو الحرارة المرتفعة أمراً غير مريح، وقد يؤدي إلى اختناق أداء المعالج، والحصول على تجربة لا ترقى إلى المستوى المطلوب.
ومن شأن الانتقال إلى عقدة أصغر تمكين شركة التصنيع من ابتكار رقاقات أصغر حجماً، مما يستقطب عدداً من كبار عملاء تلك الشركات، وهم الشركات المتخصصة بتصنيع الهواتف الذكية. وتولي عمليات تصميم الهواتف الذكية اهتماماً كبيراً بأصغر مساحة يمكن توفيرها. ومن شأن الرقاقات صغيرة الحجم تمكين شركات تصنيع الهواتف من اقتطاع نصف ملليمتر إضافي من سماكة الهاتف، أو توفير مساحة ملائمة لبطارية أكبر قليلاً. كما تمكّن هذه الرقاقات الصغيرة المصممين من دمج وحدات معالجة إضافية، مثل المعالجات المعززة بالذكاء الاصطناعي، ومعالجات الإشارة الصورية، والمعالجات الرقمية للإشارة الصورية، أو استخدام قدر أكبر من الترانزستورات في منظومة المعالجة SoC لتعزيز ميزاته. وبالإضافة لذلك، يتطلب تصنيع الرقاقة الأصغر حجماً قدراً أقل من المواد الخام، مما يؤدي إلى خفض تكلفة التصنيع.
ويشير التاريخ القصير للهواتف الذكية إلى الدور المهم الذي لعبته صناعة أشباه الموصلات في تحفيز الابتكار. ولم يستغرق القطاع أكثر من ست سنوات للانتقال من تقنية 40nm K3V2 إلى أحدث رقاقات المعالجة بتقنية 7nm التي تعتزم هواوي الكشف عنها قريباً (سيتم الكشف عن مزيد من المعلومات ذات الصلة لاحقاً). وفي كل الأحوال، لطالما حدد أداء الرقاقة سقف قدرات الهواتف الذكية – حيث يرتبط أداء شاشات العرض، والكاميرات والتقنيات الرسومية في الهواتف بمستوى أداء منظومة المعالجة المبتكرة SoC. وبالتزامن مع التطور المستمر للرقاقات، سيزداد غنى مجموعة الخواص التي تمتاز بها الهواتف الذكية بمرور الوقت.
وإلى أن تصل الترانزستورات إلى حجم الذرّة، سنستمر باكتشاف أساليب كفيلة بتقليص حجمها أكثر فأكثر. وفي الوقت الراهن، وضعت شركة ’تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة‘ خارطة طريق للانتقال إلى المعالجات بتقنية 3nm. وتتطلع العديد من شركات التقنية نحو الانتقال إلى تقنية 7nm والاستفادة من أدائها المطوّر وكفاءتها في تشغيل مهام تتطلب المعالجة المكثفة، مثل الذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي، والواقع المعزز، وأعباء العمل المستندة إلى تقنية ’بلوك تشين‘. وبالتزامن مع دخول معالجات 7nm من شركة ’تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة‘ مرحلة الإنتاج في يونيو 2018، يتوقع طرح الهواتف التي تعتمد على هذه المعالجات في السوق قريباً.
وقال السيد ريتشارد يو، الرئيس التنفيذي لمجموعة هواوي لأعمال المستهلكين، أن شركته بصدد الكشف عن معالج ’كيرين 980‘ في معرض راديو برلين IFA، وسيكون أول معالج بتقنية 7nm متاح تجارياً في العالم. وسيستخدم المعالج ’كيرين 980‘ لتشغيل سلسلة هواتف هواوي مايت 20.
وفي ما لم يتم الإعلان بعد عن مواصفات ’كيرين 980‘، يمكننا رسم تصوّر تقريبي عن أدائه عبر الاطلاع على الموقع الإلكتروني الرسمي لشركة ’تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة‘، والذي يشير إلى دور تقنية 7nm في تحسين سرعة المعالج بنسبة 20 بالمائة تقريباً، واستهلاك الطاقة بنسبة أقل بنحو40% قياساً بنظيرتها 10nm.
تمتاز هواوي بسجل حافل بخطوات تطوير رقاقات المعالجة. ومع ’كيرين 950‘، كانت هواوي أول شركة تطلق رقاقة بتقنية 16nm، والتي جاءت في وقت كانت فيه الشركات الأخرى تصمم رقاقات معالجة بتقنية 20nm.
وسيصبح هاتف هواوي التالي أفضل الهواتف التي تعمل بنظام التشغيل أندرويد في عام 2018. وسيتم إطلاق هاتف HUAWEI Mate 20 مع أول رقاقة بتقنية 7nm في العالم خلال أكتوبر المقبل – ولن يضطر المستهلكون للانتظار فترة أطول لتجربة قوة معالج الجيل التالي.

عن المؤلف

اخر الأخبار

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com