‏RISC‑V: المعمارية المفتوحة التي تعيد تشكيل تصميم الرقائق عالميًّا

يشهد عالم أشباه الموصلات تحوّلًا عميقًا. فقد برزت RISC‑V—وهي معمارية تعليمات مفتوحة تستند إلى مبادئ الحوسبة ذات مجموعة التعليمات المخفَّضة (RISC)—كبديل حقيقي لمعمارية x86 وArm المملوكتَين. وبفضل كونها خالية من رسوم الترخيص وتدار عبر مؤسسة غير ربحية، يمكن لأي شركة أو جامعة أو شركة ناشئة تصميم معالج مخصَّص دون تكاليف أو قيود تصدير معقدة، الأمر الذي يُسرّع الابتكار في مجالات الذكاء الاصطناعي والسيارات وإنترنت الأشياء والحوسبة عالية الأداء.

لماذا تهم RISC‑V؟

• مفتوحة ومجانية: يمكن تعديل التصاميم أو توسيعها أو طرحها تجاريًّا دون رسوم لكل نواة، ما يخفض الحاجز أمام اللاعبين الصغار والمتوسطين.
• زخم مجتمعي هائل: ارتفع عدد أعضاء RISC‑V International من 236 منظمة في 2019 إلى أكثر من 4٬600 في 2025.
• قابلية تخصيص مرنة: يستطيع المصممون إضافة تعليمات متخصصة (للتشفير، واستدلال الذكاء الاصطناعي، ومعالجة الإشارات) مع الحفاظ على التوافق البرمجي.
• حياد جيوسياسي: بعد نقل مقرها إلى سويسرا، تعمل RISC‑V International في ولاية قانونية محايدة، ما يعزز التعاون العالمي.

أبرز حالات التبنّي الواقعي

السيارات والتنقل:
يُقيِّم الموردون العالميون وحدات RISC‑V لوحدات مساعدة السائق (ADAS) ومحركات المركبات الكهربائية. ومن المنتظر أن تعرض شركات أوروبية نماذج أولية في قمة RISC‑V أوروبا 2025 في باريس (12–15 مايو 2025).

مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي:
تعمل شركات ناشئة مثل AheadComputing، التي أسسها مهندسون سابقون في إنتل، على معالجات RISC‑V محسَّنة لأحمال عمل الذكاء الاصطناعي بهدف تجاوز قيود عرض النطاق الذاكري في الحلول التقليدية.

الاستراتيجيات الوطنية:
تستعد الصين لإطلاق حزمة سياسات تهدف إلى تعزيز استخدام رقائق RISC‑V على مستوى البلاد في الهواتف الذكية وخوادم السحابة وغيرها، سعيًا للاستقلال عن الملكية الفكرية الغربية.

تطوّر البرمجيات والمنظومة الداعمة

لا يكفي العتاد وحده؛ فالمطورون بحاجة إلى سلاسل أدوات وأنظمة تشغيل ودروع تجارب مرجعية ناضجة. وقد حقق المجتمع تقدّمًا ملموسًا:

• المترجمات: يدعم كل من GCC وLLVM RISC‑V إنتاجيًّا.
• أنظمة التشغيل: نواة لينكس الرئيسية، ومشروع أندرويد مفتوح المصدر (AOSP)، وFreeRTOS، وZephyr.
• بيئات تطوير وأدوات تصحيح تجارية: تقدمها شركات مثل SiFive وSegger وLauterbach.
• ملحقات الأمان: أضاف إصدار RISC‑V Privileged Spec 1.14 لعام 2024 مميزات PMP دقيقة وتعليمات تشفير.

محطات رئيسية منتظرة في 2025

1. قمة RISC‑V أوروبا (باريس، 12–15 مايو)—إعلانات عن خرائط طريق من Renesas وQualcomm واتحادات بحثية أوروبية.
2. إصدارات لينكس المكتبية الجاهزة افتراضيًّا لمعالجات RISC‑V (Fedora 41 وUbuntu 25.10).
3. مسودة توحيد ISO/IEC لعموم الجمهور في الربع الرابع من 2025، تمهيدًا للمناقصات الحكومية.
4. أول هواتف ذكية جماهيرية بمعالجات تطبيقية RISC‑V من المصنعين الصينيين.

فرص للمبتكرين السعوديين

تؤكد رؤية السعودية 2030 على تصميم أشباه الموصلات المحلية والذكاء الاصطناعي ونشر إنترنت الأشياء في المدن الذكية كـ«نيوم» و«ذا لاين». وتُقلِّص RISC‑V تكاليف الدخول لـ:

• البحث الجامعي: يمكن لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن (KFUPM) إنتاج شرائح تعليمية للطلاب دون رسوم ترخيص.
• مسّرعات الذكاء الاصطناعي الطرفية: تستطيع الشركات الناشئة المحلية دمج نوى RISC‑V بملحقات AI/ML لتشغيل نماذج عربية على الحافة.
• وحدات تحكم صناعية آمنة: يمكن لمصانع البتروكيماويات نشر أجهزة يمكن تدقيقها بشفافية لتعزيز سيادة سلسلة التوريد.

الخلاصة

سواء كنت تطوّر خوادم ذكاء اصطناعي أو وحدات تحكم للمركبات ذاتية القيادة أو حساسات إنترنت الأشياء منخفضة الطاقة، تمنحك RISC‑V لوحة بيضاء للابتكار. فنهجها المفتوح التعاوني يحطّم حواجز التراخيص التقليدية ويتيح استقلالية السيليكون في زمن تتطلب فيه الضغوط الجيوسياسية والاقتصادية سلاسل توريد متنوعة. وللمهندسين والباحثين والمستثمرين السعوديين، حان الوقت للانخراط في هذا النظام سريع النضج قبل أن تسبق الموجة التالية للحوسبة المعماريات المغلقة.