معضلة وقت الشاشة: كم من الوقت يقضي أطفالنا أمام الشاشات؟
لرياض، سان فرانسيسكو -15 أكتوبر 2024- في عالمنا اليوم سريع الخطى، الذي تحكمه التكنولوجيا، أصبح من المستحيل تقريبًا تجنب الشاشات. من الفصول الدراسية عبر الإنترنت إلى الرسوم المتحركة وألعاب الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الشاشات جزءًا ثابتًا في حياة أطفالنا. كآباء، نتساءل في كثير من الأحيان: هل يقضي أطفالنا وقتًا طويلاً أمام الشاشة؟ والأهم من ذلك، كيف يمكنني التأكد من أن الوقت الذي يقضيه أطفالي أمام الشاشة يساعد على نموهم وتطورهم، وليس العكس؟
أجرت شركة نوفاكيد، وهي مدرسة رائدة لتعليم اللغة الإنجليزية عبر الإنترنت للأطفال، دراسة حديثة تسلط فيها الضوء على واقع الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات في المملكة العربية السعودية والمنطقة العربية في عام 2024. وفي حين تشير النتائج إلى ارتفاع استخدام الشاشات، فإنها تقدم أيضاً أفكارًا حول كيفية قدرتنا، كآباء، على موازنة دور التكنولوجيا في حياة أطفالنا دون التضحية برفاهيتهم.
وقت الشاشة: أداة تعليمية أم مصدر قلق
مع تزايد أهمية التعليم الرقمي، ليس من الغريب أن تصبح الشاشات أداة ضرورية للتعلم. يدرك العديد من الآباء في الوقت الحالي قيمة المنصات التعليمية، حيث أظهرت نتائج الإستطلاع أن 36% من الأطفال يقضون 6 ساعات أو أكثر كل أسبوع في أنشطة التعلم عبر الإنترنت. بالنسبة للآباء، قد يكون هذا مطمئنًا، فقد فتحت التكنولوجيا الأبواب أمام طرق تفاعلية وجذابة للتعلم لم تكن متاحة من قبل.
لكن الاستطلاع كشف أيضًا عن قلق مشترك لدى العديد من الآباء فيما يخص الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات لأغراض غير تعليمية. من مشاهدة مقاطع الفيديو إلى ممارسة الألعاب، يقضي العديد من الأطفال ساعات طويلة في الترفيه. حيث يظهر الاستطلاع أن 73% من الآباء يشعرون بالقلق حيال قضاء أطفالهم وقتًا طويلًا في مشاهدة الرسوم المتحركة أو الأفلام أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي.
كيف يمكن أن يكون وقت الشاشة مفيدًا لأطفالنا؟
على الرغم من مخاوف سوء استخدام وقت الشاشة، إلا أنه يمكن أن يقدم قيمة حقيقة عندما تتم إدارته بعناية. باعتبارك أحد الوالدين، يمكنك توجيه طفلك لتطوير علاقة صحية مع الشاشات من خلال وضع حدود واضحة وتشجيعه على المشاركة في أنشطة منتجة وذات مغزى عبر الإنترنت.
وفيما يلي بعض النصائح التي قد تساعدك:
إنشاء جدول: ضع حدودًا يومية أو أسبوعية لوقت الشاشة. من خلال تحديد أوقات معينة للتعلم عبر الإنترنت والترفيه والأنشطة البدنية، سيتمكن طفلك من تطوير روتين متوازن.
تشجيع المحتوى التعليمي: ليس من الضروري أن يكون وقت الشاشة كله من أجل الترفيه. استخدم منصات مثل منصة نوفاكيد لتحويل وقت الشاشة إلى وقت للتعلم. يمكن للألعاب التعليمية والأفلام الوثائقية والتطبيقات الإبداعية أن تعمل على إثراء عقل طفلك مع توفير المتعة في نفس الوقت.
كن نموذجًا لتثبيت العادات الصحية: في كثير من الأحيان يقوم الأطفال بتقليد سلوك والديهم. إن إظهار نهج متوازن فيما يتعلق بالوقت الذي تقضيه أمام شاشتك يمكن أن يشجع طفلك على اتباع نفس النهج.
أشرك طفلك في اتخاذ القرار
إحدى الطرق الأكثر فعالية لإدارة وقت الشاشة هي إشراك طفلك في العملية. عندما يشارك الأطفال في تحديد قواعد وقت الشاشة، فمن المرجح أن يتبعوها. في الواقع، أفاد 48% من الآباء المشاركين في الاستطلاع أن التوصل إلى اتفاقات واضحة مع أطفالهم بشأن استخدام الشاشات ساعدهم على إدارة وقتهم بشكل أكثر فعالية.
لا ينبغي أن يكون تحديد حدود وقت الشاشة أمرًا صعبًا. من خلال العمل معًا، يمكنكم إنشاء خطة لا تقتصر على تحديد الساعات التي تقضيها أمام الشاشات فحسب، بل تضمن أيضًا أن تكون هذه الساعات مفيدة.
فوائد قضاء وقت متوازن أمام الشاشات
يمكن أن تكون الشاشات أدوات قوية للتعلم والإبداع في ظل التوجيه الصحيح. إذ كشفت الدراسة عن ارتفاع واعد في الهوايات الرقمية، حيث يقضي 14% من الأطفال الآن وقتهم في أنشطة مثل البرمجة والفن الرقمي. وتظهر هذه الهوايات أن الشاشات لا ينبغي أن تكون مخصصة للاستهلاك السلبي فحسب، بل إنها قادرة على إلهام الإبداع وبناء المهارات.
بالإضافة إلى ذلك، يتجه الأطفال بشكل متزايد إلى الكتب الإلكترونية والكتب الصوتية، حيث يقضي 17% منهم أكثر من 6 ساعات أسبوعياً في قراءة الكتب الرقمية ، وهي زيادة هائلة مقارنة بعام 2022. حيث توفرالمكتبات الرقمية فرصة غنية لتعزيز حب القراءة والتعلم في العصر الرقمي.
تحويل وقت الشاشة إلى فرصة للنمو والتعلم
إن السؤال لا يتمثل في التخلص من الشاشات، بل في كيفية استخدامها بحكمة. يمكن أن تكون الشاشات أدوات فعالة للتعلم والإبداع والتواصل إذا تم استخدامها بالطريقة الصحيحة. من خلال وضع الحدود، وتشجيع استخدام الشاشات بشكل منتج، وإشراك أطفالنا في عملية صنع القرار، يمكننا مساعدتهم على التنقل في المشهد الرقمي بطريقة صحية ومتوازنة.
وباعتبارنا آباء، تقع على عاتقنا مسؤولية توجيه أطفالنا إلى كيفية استخدامهم للتكنولوجيا بحيث تعزز نموهم، بدلاً من إعاقته. تذكرنا دراسة نوفاكيد أنه على الرغم من أن وقت الشاشة سيبقى حاضرًا، إلا أنه ليس مستحيلًا أن يكون قوة إيجابية و فعالة في حياة أطفالنا.