حدد الصفحة

العديد من البنوك المركزية تدمج الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في أنشطتها الرئيسية

العديد من البنوك المركزية تدمج الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في أنشطتها الرئيسية
  • أكثر من 80 بنكًا مركزيًا هم الآن أعضاء في شبكة تعزيز استدامة النظام المالي « Greening of the Financial System »
  • إدراج اعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ضمن القيود التقليدية لإدارة الاحتياطي
  • سوق السندات المستدامة يفرض تحديات ويتيح فرصًا للبنوك المركزية

6 يونيو 2021 – أشارت إنفيسكو في تقرير أصدرته مؤخرًا إلى أن العديد من البنوك المركزية بدأت وبشكل متزايد تدمج اعتبارات التغير المناخي والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في أنشطتها الرئيسية، بدءًا من الإشراف المصرفي إلى السياسة النقدية والاستقرار المالي. وتعمل أكثر من ثلث البنوك المركزية حول العالم الآن على ربط سياساتها وإدارة الأصول الاحتياطية بقضايا البيئة، حيث تضاعفت عضوية تعزيز استدامة النظام المالي « Greening of the Financial System» بنحو عشر مرات في السنوات الثلاث الماضية، لتصل إلى أكثر من 80 بنكًا مركزيًا. وتضم هذه الشبكة في عضويتها أيضًا هيئات إشرافية، مثل سلطة تنظيم الخدمات المالية في سوق أبوظبي العالمي وسلطة دبي للخدمات المالية.

وفي تعليقها على التقرير، قالت زينب الكفيشي، مديرة قسم الشرق الأوسط وإفريقيا في شركة إنفيسكو: “قام مستثمرون مؤسسيون ومديرو أصول في مختلف أنحاء العالم بدمج أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ضمن إدارة الاستثمار منذ إصدار مبادئ الأمم المتحدة للاستثمار المسؤول في عام 2006. أما من منظور مالي، فقد رأينا أن دمج اعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية يؤدي إلى تحسين العائدات المعدلة حسب المخاطر، من خلال تحديد التعرضات متوسطة إلى طويلة الأجل التي يمكن أن تؤثر على ثروات الشركة”.

هذا وبدأت مبادرة صناديق الثروة السيادية “الكوكب الواحد”، الذي يضم هيئة أبوظبي للاستثمار، والهيئة العامة الكويتية للاستثمار، وصندوق الاستثمارات العامة السعودي، منذ عام 2017 بمساعدة صناديق الثروة السيادية التي تتطلع إلى دمج عوامل السياسة والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في عملية إدارة الاستثمار.

وتحذو الأنشطة الاستثمارية للبنوك المركزية حذوها بشكل تدريجي، إذ تشير دراسة أعدتها شركة إنفيسكو في عام 2020 حول مديري أصول سيادية عالميين، إلى أن حوالي ربع البنوك المركزية التي شملها الاستطلاع أجابت بأنه ينبغي استخدام الميزانيات العمومية للبنك المركزي للمساهمة في تخفيف تبعات التغير المناخي. وكان التحدي الأساسي المتمثل في مخاطر تغير المناخ والتوقفات المحتملة للتجارة المحلية والتجارة الدولية والأسواق المالية العالمية نتيجة لارتفاع درجات الحرارة العالمية، عاملاً يأخذه محافظو البنوك المركزية ومديرو الاحتياطيات في اعتبارهم. وتشهد ممارسات البنوك المركزية تطورًا مضطردًا يوازي قدر الاهتمام المتزايد للسياسة النقدية بمخاطر النمو والاستقرار المالي التي تطرحها تحديات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

من جانبه، قال أرناب داس، الخبير الاستراتيجي في الأسواق العالمية في إنفيسكو أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا: “تحركت البنوك المركزية بشكل أبطأ نظرًا لبعض التحديات الخاصة بها أثناء سعيها لدمج عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، بناءً على أهداف إدارة الاحتياطي أو إطار السياسة أو تكوين فئة الأصول. وسيكون لدى البنوك المركزية التي تحتفظ باحتياطيات من العملات الأجنبية للتخفيف من تأثير الصدمات الاقتصادية، فسحة أقل، وذلك بسبب متطلبات السيولة والحفاظ على رأس المال، في حين أن البنوك المركزية الأخرى قد تتمتع بدرجة أكبر من الحرية. ونحن نشهد تطور مبادئ وممارسات إدارة الاحتياطيات، حيث يعمل مديرو الاحتياطيات على دمج أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية مع أهداف الاستثمار التقليدية، وذلك بهدف الحفاظ على رأس المال والسيولة والعائد. ويمكن أن يلعب دمج اعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في معايير الاستثمار دورًا مهمًا في توفير حماية جيدة للبلد والاقتصاد من الأضرار المحتملة التي قد يحدثها التغير المناخي، وفقدان التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية الأخرى التي تشكل ثروات الدول.”

وتنقسم استراتيجيات البنوك المركزية لدمج معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية إلى ثلاث فئات هي: الفحص الإقصائي، والتكامل الاستثماري، والاستثمار المؤثر. ويعد الفحص الإقصائي الفئة الأكثر استخدامًا بسبب بساطته في فحص واستبعاد القطاعات أو الشركات من عالم الاستثمار بناءً على التوجهات الأخلاقية أو المعنوية أو العلمية. وبينما يسعى التكامل الاستثماري إلى دمج اعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لتحسين العائدات المعدلة حسب المخاطر بالإضافة إلى الفوائد المجتمعية، يضع الاستثمار المؤثر نتائج السياسة جنبًا إلى جنب مع النتائج المالية.

هذا وتشكل الأوراق المالية ذات الدخل الثابت الصادرة عن جهات سيادية ووكالات حكومية وفوق وطنية، الجزء الأكبر من احتياطيات البنوك المركزية[1]. وعلى الرغم من أن حجم سوق السندات المستدامة، بما في ذلك السندات الخضراء، قد نما بسرعة في السنوات الأخيرة، إلا أن المجال القابل للاستثمار للبنوك المركزية أصغر بشكل عام، حيث أن نصف السوق فقط يقع في فئات الأصول الاحتياطية “التقليدية”، بما في ذلك الصناديق السيادية والوكالات الحكومية ومتعددة الأطراف[2]. ومن المتوقع أن يستمر نمو هذا السوق، حيث أعلنت العديد من الحكومات عن خطط لزيادة إصداراتها في السنوات المقبلة، مما سيساعد في تحسين السيولة، التي تعد عاملًا رئيسيًا في احتياطيات البنوك المركزية. 

وأظهرت دراسة إنفيسكو أن البنوك المركزية تقوم أثناء تطور السوق بالاستثمار عبر توجه مستدام، وذلك من خلال تكرار خصائص المخاطر لمعيار أساسي مستدام، أو من خلال دمج عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في تفويض مدير خارجي مخصص مع عملية مراقبة استثمار مسؤولة اجتماعيًا.

وختم داس: “أصبحت البنوك المركزية الآن من نواحٍ عديدة، في وضع يمكنها من أخذ زمام المبادرة فيما يتعلق بأجندة الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ومعاييرها وآليات تنفيذها. ويمكن للبنوك المركزية من خلال قرارات السياسة النقدية ومحافظ السياسات، التركيز بقدر أكبر على الحد من المخاطر الوطنية والعالمية المرتبطة بالمناخ وهي تمضي قدمًا في مساعيها لتنظيم أو إدارة أو تقليل مخاطر عدم الاستقرار الاقتصادي والمالي. ويمكن أن يلعب دمج اعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في معايير الاستثمار دورًا مهمًا في حماية الدولة واقتصادها”.


[1] Invesco Global Sovereign Asset Management Study, 2020.

[2] Climate Bond Initiative, 2020.

عن المؤلف

اخر الأخبار

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com