حدد الصفحة

لماذا تبرز أهمية الاعتماد على شبكات الاتصالات في 2021 أكثر من أي وقت مضى

لماذا تبرز أهمية الاعتماد على شبكات الاتصالات في 2021 أكثر من أي وقت مضى

أصبحت الاتصالات واحدة من أهم المحاور التي يعتمد عليها الاقتصاد الحديث، حيث تشهد إقبالاً كبيراً في القرن الحادي والعشرين نظراً لدورها الكبير في صياغة وتطوير أعمال مختلف القطاعات والصناعات والخدمات المقدمة للمستهلك، حيث تعتمد المؤسسات الحكومية والشركات والمستهلكون في المنطقة والعالم على التقنيات الرقمية أكثر من أي وقت مضى، ما أدى لتزايد حجم البيانات التي يتم نقلها عبر شبكات الاتصالات بشكل هائل. وأصبحت شبكات الهاتف المحمول على وجه الخصوص مورداً رئيسياً لا يمكن الاستغناء عنه في المجتمعات الحديثة. وبرزت أهمية شبكات الاتصالات بشكل أكبر خلال العام الماضي إثر تحول العمل والتعلّم والتسوق والتواصل الاجتماعي ليتم عبر الإنترنت.

ويشهد قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات توجهاً متزايداً نحو الاتصالات الذكية، فيما لم يعد دور الشبكات يقتصر على توفير الاتصال بين الأشخاص فحسب، بل باتت توفر الاتصال بين الأشخاص والأشياء وبين الأشياء نفسها كذلك. وفي المستقبل، سيتم الاعتماد على شبكات الاتصالات لتشغيل الأنظمة الذاتية التي تعمل بشكل آلي وفق القواعد التي نزودها بها. وبالتالي لن يقتصر دور الشبكات على توفير خدمات الاتصال البسيطة، وستتحول معايير الشبكات من جودة الخدمات إلى جودة التجربة التي تقدمها.

لا شك أن كفاءة الشبكات ومدى الاعتماد عليها كان أمراً بالغ الأهمية منذ البداية، ولكن قطاع الاتصالات شهد العديد من التغيرات في أواخر القرن الحادي والعشرين أكثر مما شهده على مدار القرن العشرين بأكمله، حيث أصبحت تقنية المعلومات وخدمات الاتصالات جزءاً أساسياً من منظومتنا الاجتماعية. كما أصبحت تقنيات الاتصالات عاملاً جوهرياً في إنجاز أعمال الشركات والمؤسسات الحكومية وإدارة المجتمعات بفضل ما توفره من خدمات الاتصال وتبادل المعلومات. كما تعتمد الشركات في الوقت الحالي على الاتصالات لتحسين كفاءتها التشغيلية وتعزيز نموها بتطوير أوجه أعمالها وخدماتها. وتعتبر القدرة على الوصول إلى شبكة الإنترنت على مدار الساعة عاملاً حاسماً لتوفير أفضل الخدمات للعملاء.

في الوقت الذي يزداد فيه الاعتماد على شبكات الهاتف المحمول، لا تزال الشبكات فعلياً تنزح تحت خطر حصول الأعطال الفنية، وقد واجه قطاع الاتصالات مؤخراً أعطالاً في الشبكات الأساسية تسببت بانقطاع خدمات الاتصالات في العديد من المناطق وأدى إلى حدوث اضطرابات كبيرة محلياً وإقليمياً ودولياً. 

في نوفمبر 2020، توقفت شبكات الاتصالات التابعة لشركة “فوداكوم” في جنوب أفريقيا مرتين عن العمل، حيث توقفت خدمات الهاتف المحمول بدرجات متفاوتة في العديد من المدن مثل كيب تاون ودوربان وغيرها. ولم تكشف الشركة عن سبب المشكلة، وإنما اكتفت بالقول بأن “هناك عطلاً في الشبكة”. ومن الممكن أن يكون العطل ناتج عن توقف الشبكة الأساسية عن العمل.

وفي نفس الشهر، واجهت شركة اتصالات قطر “أوريدو” عطلاً جوهرياً في شبكاتها أدى إلى انقطاع الاتصالات وتوقف خدمة الإنترنت في جميع أنحاء البلاد. ووفقاً لخبراء التكنولوجيا، لم يتمكن مستخدمو الأجهزة الطرفية من الاتصال بالشبكة، ولم تظهر إشارة الشبكة على هواتف المستخدمين أي أن العطل كان ناتجاً عن مشكلة في الشبكة الأساسية على الأغلب وبالتالي لم يتمكن مستخدمو الهاتف المحمول من الاتصال بها. وقد تمت معالجة المشكلة بعد عدة أيام.

كما شهدت شبكات فودافون في ألمانيا عطلاً شمل العديد من المناطق في نهاية عام 2020، حيث لم يتمكن أكثر من 100.000 مستخدم للهواتف المحمولة في برلين وهامبورغ وميونيخ وكولن وفرانكفورت وغيرها من المدن من إجراء المكالمات أو الوصول إلى شبكة الإنترنت. ووفقاً لشركة “فودافون” فإن سبب المشكلة هو تعطل تجهيزات التحكم في ميونيخ وفرانكفورت وبرلين. ونظراً إلى أن الأعطال شملت العديد من المناطق وعدداً كبيراً من المستخدمين، فقد يكون السبب هو توقف الشبكة الأساسية عن العمل.

الشبكة الأساسية هي العقل المدبر لشبكات الاتصالات في الأجيال الجديدة من شبكات النطاق الترددي العريض. أما في شبكات الجيل الخامس، فلا تقتصر مهام الشبكة الأساسية على جدولة وإدارة موارد الشبكة فحسب، وإنما توفر منصة للتحول الرقمي كذلك. وستزداد تداخلات شبكات الاتصالات في عصر الجيل الخامس مع أعمال وخدمات القطاعات والصناعات باعتبارها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتوفير المزيد من الخدمات الأساسية، حيث سيتم الاعتماد عليها في العديد من القطاعات الحيوية كالطاقة والخدمات المالية والمؤسسات الحكومية والتصنيع الذكي والقيادة الذاتية وتوفير الخدمات الطبية عن بعد. فإن حدث عطل في الشبكة الأساسية، لن تتوقف خدمات الهاتف المحمول فحسب، بل ستتوقف جميع الخدمات التي توفرها الشبكة إلى مختلف القطاعات، مما قد يسبب خسائر اقتصادية كبيرة وقد يشكّل ذلك خطراً على مستوى الأمن القومي كذلك.

ووفقاً للموقع الإلكتروني للجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول (GSMA) تم نشر ما يصل إلى 106 شبكة من شبكات الجيل الخامس التجارية تقريباً في جميع أنحاء العالم، حيث تشهد انتشاراً كبيراً في ظل الاعتماد المتزايد لشركات الاتصالات العالمية على شبكات الجيل الخامس. وتأتي دول الخليج على وجه الخصوص في مقدمة الدول التي نجحت بنشر شبكات الجيل الخامس التجارية على مدار الأعوام الماضية وخاضت تجربة فوائدها الافتتاحية. لذا، تزداد فعلياً الحاجة لشبكات الاتصالات التي يمكن الاعتماد عليها بعيداً عن هواجس أي خلل فني يمكن حصوله، لا سيما في ظل التحول الرقمي الذي يعتمد على الحوسبة السحابية بشكل كامل. وبالتالي تزداد أهمية توفير شبكات تتمتع بالقدرة على مواكبة متطلبات الاتصالات العصرية، وتصميم يعتمد على الحوسبة السحابية بشكل أساسي، والعديد من مراكز البيانات المتقاطعة مع بعضها لتوفير اتصالات يمكن الاعتماد عليها، وبالتالي ضمان تشغيل شبكات الهاتف المحمول بشكل دائم في المستقبل بدرجة كبيرة من الاستقرار والاعتمادية.

اعتمادية الشبكات ينتج عنها ارتفاع سقف التوقعات من المسؤوليات الاجتماعية لشركات الاتصالات في عصر الجيل الخامس، حيث يولي مشغلي الاتصالات مزيداً من الاهتمام لبناء وتشغيل البنية التحتية للجيل الخامس باعتبارها الأكثر اعتمادية وموثوقية اليوم. ولطالما كانت شركات الاتصالات ملتزمة برفع كفاءة الشبكات لتوفير خدمات يمكن الاعتماد عليها بعيداً عن مخاطر انقطاع الخدمة. وتسعى لتحقيق ذلك من خلال دراسة أعطال الشبكات – كالأعطال التي وقعت في أواخر عام 2020 – للكشف عن المشاكل التي قد تواجه الشبكة قبل حصولها وتسببها بأزمات كبيرة.

لا شك لأن تجارب الأعطال يوفر فرصة لشركات الاتصالات المحلية والإقليمية والعالمية لمراجعتها والتعلم لتدارك أي خلل يمكن حصوله، وتحصين الشبكة الرئيسية والعمل على ضمان استقرارها ورفع كفاءتها وفق أحدث التقنيات المتطورة التي أصبح الاعتماد عليها يشكل فارقاً كبيراً في حياتنا.

عن المؤلف

زامل صفوان

كمهندس اتصالات مخضرم ذو خلفية متنوعة، أجلب خبرة واسعة إلى مجال أخبار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. تتجاوز خبرتي حدود الاتصالات التقليدية، ممتدة إلى مجالات التحول الرقمي، الإعلان عبر الإنترنت، التجارة الإلكترونية، والشركات الناشئة. أمتلك روحاً ريادية قوية، معززة بفهم عميق لقطاع التكنولوجيا المالية، حيث تلتقي التكنولوجيا بالمالية. تتيح لي هذه المزيج الفريد من المهارات تقديم وجهات نظر ثاقبة ومستنيرة حول تقاطع الأمور المالية والتكنولوجيا والاتصالات في المشهد الرقمي المتطور بسرعة.

اخر الأخبار

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com