حدد الصفحة

معهد المحاسبين القانونيين ICAEW: ينبغي للنقاش حول تشكيك المدقـقين أن يتناول مخاوف الجمهور العام

معهد المحاسبين القانونيين ICAEW: ينبغي للنقاش حول تشكيك المدقـقين أن يتناول مخاوف الجمهور العام

أعرب معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز (ICAEW) في أحدث تقرير له بعنوان “التشكيك: مطلب ممارسي المهنة”، أن النقاش حول تشكيك المدققين بحاجة لأن يكون شمولياً وهادفاً أكثر. ويسرد التقرير رؤى متجددة من مدققي الحسابات، ومن هؤلاء الذين يقومون بتدريبهم وتنظيم مهاهم. كما يسلط الضوء على ما يفعله المدققون، مؤكداً على أن لديهم تجارب للتعلم منها، ولكن ليس من المفيد استغلال “غياب تشكيك المدققين” كتفسير عام لأي شيء خاطئ ضمن عمليات التدقيق.
يقع التشكيك المهني في صميم ما يقوم به المدققون؛ وبدونه، يفقد التدقيق قيمته الفعلية. لذا، فإن النقاش الراهن حول حاجة المدققين لاختبار مستوى أكبر من التشكيك أصبح مهماً. لكن نوعية النقاش حول مسألة التشكيك هذه لا تزال حتى الآن سطحية إلى حد ما.
وتوضح كاثرين باغشو، مديرة معايير التدقيق في معهد المحاسبين القانونيين ICAEW: “إن مجرد الدعوة إلى ممارسة المزيد من التشكيك أو توثيقه أكثر، ليس أمراً عملياً ولا مرغوباً فيه. إن التشكيك هو بمثابة وسيلة لتحقيق غاية، وليست غاية في حد ذاتها. فالتشكيك يدور حول النوعية وليس الكمية – أي طرح الأسئلة المناسبة مثلاً، وليس مجرد الكثير منها. ولا يمكن للمدققين الاستمرار في طرح الأسئلة إلى المالانهاية، ولا ينبغي لهم ذلك. كما أن المواعيد النهائية لرفع التقارير تعني أن هناك مرحلة لا يبدو فيها فقط طرح الأسئلة أمراً لا فائدة منه – إما “من باب الحيطة” أو “لأننا نستطيع” – ولكن من غير العملي القيام بذلك. وتكمن مشكلة التشكيك في أنه أحد السلوكيات البشرية عند العمل في إطار المواعيد النهائية والميزانيات”.
ويقدم التقرير حول تشكيك المدققين وجهات النظر المدروسة للمدققين في البيئة غير الودية حالياً. ويشير إلى أنه في حين يتوجّب على المدققين إجراء تغييرات لمواكبة توقعات الجمهور العام، فإن مجرد الدعوة لمزيد من التشكيك سيلقى مقاومة هائلة. ويبرز التقرير الطرق العديدة التي تحاول من خلالها شركات التدقيق أن تضمن ممارسة التشكيك في هذا المجال بمهارة ومهنية عالية.
من جانبه، يقول مايكل آرمسترونغ، المدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا: “يلعب التدقيق دوراً حيوياً في نجاح الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة مع القفزات التي يخطو بها الاقتصاد نحو التحول إلى ’اقتصاد ذكي‘. ولقد أدت الإخفاقات الأخيرة في مجال تدقيق الحسابات على الصعيدين العالمي والإقليمي، والتي أحدثت مشاكل كبيرة لناحية سمعة الشركات، إلى جعل الناس يهتمون بالتحديات التي تواجهها هذه المهنة. ونحن في معهد المحاسبين القانونيين ICAEW ملتزمون تماماً بالبحث والاستقصاء فيما يتعلق بتشكيك التدقيق، ونأمل أن يتمكن المدققون في المنطقة من التعلم من تقارير ودراسات مثل هذه، وبالتالي تعزيز مصداقية وكفاءة المؤسسات المحلية”.
ويسلط التقرير الضوء على التغييرات التي يجب إجراؤها لتحسين تشكيك المدققين. فالمدققون يحتاجون أولاً إلى خبرة وفهم دقيق بطبيعة أعمال الشركة. ثم يحتاجون إلى التراجع إلى الخلف من أجل رؤية الصورة الأكبر. كما ينبغي للمنهجيات المتّبعة أن تكون قوية بما يكفي لتحمل الضغوطات التي تتراكم بنهاية إجراء مراجعة معقدة، ولتمكين المدققين كذلك من تحدي الإدارة بفعالية من البداية وحتى النهاية.
ويعتقد العديد من الأفراد الذين تمت مقابلتهم أن الضغوط الأخيرة مثل زيادة التدخل الشخصي في متطلبات المحاسبة، وتصاعد التوقعات بين الجهات التنظيمية قد ساهمت في زيادة التشكيك مقارنة بعقد مضى من الزمن. وأكد المشاركون في المقابلات أيضاً أن التشكيك هو مسألة لا تخصّ فقط مدققي الحسابات. ويجب على لجان التدقيق والإدارة والمدققين الداخليين أن يوضّحوا الطريقة التي قاموا من خلالها بالتشكيك ومساءلة الأنظمة والضوابط والمعلومات المالية.
وتفسّر باغشو: “يحتاج مقدمو الحسابات، على وجه الخصوص، إلى ممارسة التشكيك بأنفسهم قبل تسليم المعلومات إلى المدققين الخارجيين. إن معظم أعضاء معهد المحاسبين القانونيين ICAEW يعملون في مجالات مختلفة للأعمال، وهناك مسؤولية مشتركة للتشكيك: يجب أن تمارس من قبل جميع أعضائنا، وليس فقط المدققين”.
وكان هناك مستوى جيد من الإجماع بين من تمت مقابلتهم حول الخطوات اللازمة لتحسين التشكيك. وفيما يلي النقاط الهامة الرئيسية التي توصّل إليها معهد المحاسبين القانونيين ICAEW من المقابلات التي أجريت:
ضرورة إجراء تغييرات هيكلية داخل الشركات: تدرك الشركات على نحو متزايد بأنه لو أن خططها لممارسة التشكيك في المجالات ذات الخطورة العالية هي من أجل اللحاق بالموعد النهائي الأول، فإنه يلزم إجراء تغييرات هيكلية على المنهجيات وممارسات العمل، والتدريب والتعيين والاستبقاء، وذلك لدعم وتشجيع التشكيك في هذا المجال.
المدققون ليسوا الأشخاص الوحيدين الذين يمكنهم أو يجب عليهم ممارسة التشكيك: يتحدى المدققون ومنظمو التدقيق الأطراف المعنية الأخرى في سلسلة التوريد الأوسع لإعداد التقارير المالية، وخاصة مقدمي الحسابات، للقيام بما ينصحون به من خلال ممارسة التشكيك بأنفسهم. كما يتحدى المدققون أيضاً الجهات التنظيمية لتكون أكثر انفتاحاً حول “ما يبدو جيداً”.
يتمحور التشكيك حول النوعية وليس الكمية: يتمثّل التشكيك في طرح الأسئلة المناسبة، وليس ببساطة الكثير منها، وفي عدم قبول الإجابة الأولى. ومن الواضح أيضاً أن هناك خبرة في إدراك ما يمكن أن يحدث بشكل خاطئ، والأطر الموضوعة لضمان تعلم أولئك الذين لا يملكون تلك التجربة – أي موظفي التدقيق المبتدئين – تطبيقها من أولئك الذين يقومون بذلك.
لا يجب على الشركات نشر رسائل مختلطة: يجب ألا تشجع الشركات اعتماد التشكيك داخل الفصول الدراسية، ولكن الابتعاد عنه في مجالات الأعمال. فكل المعنيين، لا سيما الموظفين المبتدئين، بحاجة إلى وقت للتطور، والتدرّب وتعزيز إحساسهم بما قد يكون خطأ. ولكي يتعلم الموظفون المبتدئون من أخطائهم، قد تحتاج الميزانيات إلى استيعاب السعي وراء عدد قليل من مسارات التحقيق والاستقصاء “غير المربحة”.
اشتراط البحث عن دليل عكسي لن يُحسّن من ممارسة التشكيك: تتطلب معايير التدقيق والأخلاقيات المهنية أن يمارس المدققون التشكيك المهني طوال فترة التدقيق وفي مجالات محددة. وسوف ينظر المجلس الدولي لمعايير التدقيق والضمان (IAASB) بمزيد من التفصيل فيما إذا كان ينبغي مطالبة المدققين بالبحث عن أدلة تدقيق متناقضة، بالإضافة إلى أدلة مراجعة صحيحة في المستقبل القريب. وتتماشى مداولاتها الأولية مع وجهات نظر أولئك الذين تمت مقابلتهم: إن مطالبة المدققين بالبحث عن مثل هذه الأدلة لا يبدو مجدياً أو مرغوباً فيه، أو حتى ضرورياً ضمن الإطار الحالي. كما أن القيام بذلك قد يؤدي إلى تحول جوهري نحو نهج أكثر خصومة من شأنه أن يعرقل في أفضل الأحوال الحوار المفتوح والصريح بين المدققين والإدارة، وفي أسوأ الأحوال، إغلاق باب الحوار كلياً. والمطلوب هو أن يقدم المدققون تحدياً قوياً للإدارة، والتحقق من الافتراضات، والنظر بالتفصيل فيما قد يتطلبه الأمر لإبطال تأكيدات الإدارة، واحتمال حدوث ذلك.
ليكونوا مشكّكين، يحتاج المدققون أولاً إلى خبرة وفهم دقيق بطبيعة أعمال الشركة. ثم يحتاجون إلى التنحّي جانباً. قد تؤدي المعرفة المتخصصة والمعرفة الوثيقة بالأعمال التجارية إلى التفكير الشمولي، ولكن بدونها لا يستطيع المدققون أن يشكلوا تحدياً مؤثراً للإدارة. إن طرح الأسئلة ’الغبية‘ في غياب مثل هذه المعرفة له قيمة، ولكنه بصورة محدودة للغاية. لذا، يحتاج المدققون مخزوناً من الخبرة لتمكينهم من التصرّف بسرعة في بيئة متغيرة. وهم أيضاً بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على التراجع والنظر بتمعّن إلى الصورة الأكبر.

عن المؤلف

اخر الأخبار

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com