حدد الصفحة

بعض الشركات بدأت تحقق تقدمًا في استخدام البيانات والتحليلات، ورغم ذلك فإن نسبة القيمة المحتملة للاستفادة من توظيف هذه البيانات لم تتجاوز 30%

بعض الشركات بدأت تحقق تقدمًا في استخدام البيانات والتحليلات، ورغم ذلك فإن نسبة القيمة المحتملة للاستفادة من توظيف هذه البيانات لم تتجاوز 30%

يناقش التقرير الصادر عن مركز ماكنزي العالمي للأبحاث وعنوانه “عصر التحليلات: المنافسة في عالم يعتمد على البيانات”، قيمة البيانات والمجالات التي يمكن تحقيقها فيها. ويوضح التقرير مدى التقدم الذي تم تحقيقه للاستفادة من هذه القيمة، وكيف تسهم التطورات في مجال تحليل البيانات في إطلاق نماذج عمل وانطلاق موجات من التحولات الاقتصادية العميقة. فعندما ننظر من حولنا في الشرق الأوسط، وأينما اتجهنا حول العالم، نلاحظ أن تطور التقنيات الرقمية يتسبب في تحولات كبيرة على كافة الأصعدة في المنظومات التجارية والحكومية والحياة الفردية.
صرح فيناي شاندران، الشريك في مكتب ماكنزي الشرق الأوسط وقائد ماكنزي لتحليل البيانات، في معرض تعليقه على هذا التقرير: «كشفت أبحاثنا أن المنفعة من الإمكانات الواسعة للبيانات والتحليلات، التي أوضحناها في تقريرنا الصادر في عام 2011، لم يتم تحقيقها إلا ضمن خمسة مجالات محددة، لكن العديد من المؤسسات لم تتمكن حتى الآن من تطبيق تجاربها الجديدة على نطاق كامل لتحسين أدائها بطريقة فعالة». وأضاف: «بحلول العام 2020، يُقدّر أن يتجاوز حجم البيانات في الشرق الأوسط 2 زيتابايت؛ أي أكثر من عدد حبات الرمل التي تغطي الصحراء العربية كاملة1. ولا ريب أن هذه الزيادة الهائلة في المعلومات الرقمية تنطوي على العديد من الفرص الكامنة، وعلى المعنيين في المنطقة التكيف سريعًا ليتمكنوا من الاستفادة منها جميعها».
كان أكبر قدر من التقدم على هذا الصعيد قد تحقق في الخدمات المستندة إلى الموقع (استحوذت على 50%-60% من القيمة التي حددها مركز ماكنزي العالمي للأبحاث قبل خمسة أعوام)، وفي مجال البيع بالتجزئة (تستحوذ على حصة تقدر بنسبة 30%-40%). ففي كلا هذين القطاعين دفعت الشركات المنافسة الرقمية الشركات القائمة على تبني الاعتماد على تحليل البيانات. وعلى النقيض من ذلك، حققت قطاعات التصنيع والقطاع العام والرعاية الصحية أقل من 30% من القيمة المحتملة. وعندما برزت فرص جديدة بدءًا من العام 2011، ازدادت الفجوة بين الشركات الرائدة والشركات المتأخرة.
القيود التنظيمية ونقص المواهب البشرية ما زالت تشكًل تحديًا
وقال شاندران: «نعتقد أن البيانات والتحليلات تمثل أكبر فرصة متاحة لفرق الإدارة لتحقيق القيمة وتحسين الأداء وتغيير طبيعة المنافسة، أما أكبر العقبات التي تواجهها الشركات في الاستفادة من البيانات هو تكييف العمليات الأساسية وبناء قدرات جديدة على نطاق واسع. ولا يعني تبني التحليلات مجرد اعتماد تكتيك جديد، بل هو تغيير نموذج عملك وجوهر طريقتك في اتخاذ القرارات».
أما التحدي الثاني الذي ناقشه التقرير فهو استقطاب المواهب البشرية الصحيحة والحفاظ عليها، إذ ما زال الطلب على الخبراء والعلماء في مجال البيانات يتجاوز الأعداد المتوفرة حاليًا. وهناك نقص أكبر في الكفاءات البشرية الذين يعد عملهم مساويًا في الأهمية لخبراء وعلماء البيانات، وهو يتمثل في توفر مترجمي الأعمال الذين يسهمون في ربط الموهبة التحليلية بالأسئلة العملية للشركات، ويجمعون ما بين المعرفة المتميزة في مجال البيانات والخبرات القطاعية أو التشغيلية. ويقدّر مركز ماكنزي العالمي للأبحاث أن الطلب على مترجمي الأعمال سيصل إلى مليوني إلى أربعة ملايين في الولايات المتحدة فقط خلال العقد القادم، مما يحتم مضاعفة أعداد الخريجين المتوقعين في مجال الأعمال ومجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في الولايات المتحدة الأمريكية ممن سوف يعملون في مجال ترجمة الأعمال إلى ضعف أو ربما أربعة أضعاف عن المستويات الحالية، وذلك من أجل تلبية الطلب الحالي. وفي الشرق الأوسط، يتضاعف هذا الطلب أكثر، إذ بدأ هذا المجال مؤخرًا في النمو في مختلف القطاعات.
البيانات والتحليلات تغذي النماذج التحويلية التي تغير طبيعة المنافسة
يشير التقرير إلى عدة نماذج للأعمال التجارية التحويلة المدعومة بالبيانات والتحليلات. فمن شأن إدخال أنواع جديدة من مجموعات البيانات، أن يؤدي مثلًا إلى تغيير واسع في نظام تأمين السيارات، لتستخدم شركات التأمين بيانات سلوك القيادة لاستكمال البيانات الديموغرافية التي كانت تستخدم سابقًا في الموافقات على التأمين وتكلفته.
وتستخدم البيانات أيضًا لتخصيص المنتجات والخدمات بطريقة «ثورية»، ولها آثار عميقة على طريقة تقديم الرعاية الصحية في الشرق الأوسط، فالجمع بين بيانات التاريخ الطبي السلوكي والوراثي الأكثر اكتمالًا يوفر رؤية أشمل لحالة كل مريض، ويتيح لمقدمي الخدمات الصحية تحويل تركيزهم الأساسي من علاج الأمراض إلى توفير الوقاية والمحافظة على الصحة إذا قدمت لهم الحوافز المناسبة. وبهذا تصبح العلاجات أكثر استهدافًا ودقة، وتتحسن النتائج الصحية وتنخفض العلاجات غير الضرورية وغير الفعالة، بل إن التقنيات التحليلية الجديدة تستطيع أن تسرّع الاختراقات العلمية الجديدة.
ويعدُّ نموذج دمج البيانات الكبرى نموذجًا جديدَا آخر يمتلك إمكانيات كبيرة في جميع القطاعات لأنه يتيح الاستفادة من مصادر أوسع من البيانات لتوليد المنافع. ففي مجال الخدمات المصرفية للأفراد، مثلًا، يساعد على زيادة البيع المتبادل وتطوير المنتجات الشخصية والتسعير الديناميكي وتقييم المخاطر بصورة أفضل مع التسويق بطريقة أكثر فعالية، ويساعد الشركات على تطبيق نماذج تكلفة تنافسية أكثر من العديد من المؤسسات القائمة.
وقال جيراردو أوي، خبير التحليلات والشريك المساعد في مكتب ماكنزي الشرق الأوسط: «بدأت البنوك في المنطقة أيضًا في استخدام تحليلات متقدمة للمحافظة على القيمة وزيادة جمع الأموال وتحديد المنتج المقبل الذي يجب شراؤه. وبدأ تجار البيع بالتجزئة في الشرق الأوسط أيضًا باستخدام التحليلات المتقدمة لتوليد تجربة شخصية متكاملة تتيح للعملاء الحصول على ما يريدون، فمن خلال التنويع والتسعير وتحسين الترويج، ترتفع مبيعات تجار التجزئة 3%-4% ويزيد هامش أرباحهم بنسبة 5%».
ومن المتوقع أن يطلق الجيل القادم من تقنيات البيانات وتحليلاتها موجات تغيير أكبر. فمثلًا، بدأت تزدهر مجموعة لا تعد ولا تحصى من تطبيقات التعلم الآلي والتعلم العميق في العديد من قطاعات الاقتصاد الحديثة، والتي تزداد باطراد مع تطور تلك التقنيات. فالنظم القادرة على التعلم الآلي تستطيع أداء وظائف خدمة العملاء، وإدارة الخدمات اللوجستية، وتحليل السجلات الطبية، أو حتى كتابة الأخبار. ويقدم التقرير أمثلة عن استخدام تلك الأدوات في 120 تطبيق ضمن 12 قطاع تجاري.
وقال دافيد الصياح، الشريك المساعد في مكتب ماكنزي الشرق الأوسط: “في قطاع النفط والغاز مثلًا، يؤدي الاعتماد على التحليلات الرقمية والمتقدمة إلى تأثير إيجابي كبير في سلسلة الإنتاج كاملة. وقد تصل التحسينات في مستويات إنتاج المادة الأولية ما بين 8% و10%، ويمكن تخفيض التكلفة الإجمالية في عمليات التكرير بنسبة 3%-5%”. ومن الأمثلة الأخرى على ذلك، تمكن أحد مشغلي آلات الحفر من زيادة وقت التشغيل وتخيض تكلفة الصيانة بنسبة 20%-27% من خلال الصيانة التنبؤية.
وأضاف شاندران: «أما في قطاع الاتصالات، فإن تطبيق التحليلات المتقدمة يبشر بالانتقال إلى المستوى التالي من نمو إيرادات البيانات (مثل التوسع الرأسي في المبيعات بنسب تصل إلى 15%-25%). ويمتاز سوق الشرق الأوسط بأعلى معدلات استهلاك البيانات في العالم. ومن خلال الاستفادة من التحليلات الرقمية، يستطيع هذا القطاع تحسين كفاءة التكلفة بنسبة 10%-15 % من النفقات الرأسمالية، والحد من الإنفاق التشغيلي بنسبة تصل إلى 10%».
لا ريب أن توفر البيانات وتحليلاتها غيرت الآليات التنافسية في العديد من الصناعات، فكلما كانت المؤسسات قادرة على تسخير تلك النماذج والأدوات بفعالية أكبر كلما تمكنت من توليد منفعة كبيرة لذاتها وتنفرد بمزايا خاصة بها، أما الشركات الأخرى التي تتوانى عن تبني هذه الاتجاهات الجديدة فستجد أنها تتراجع باستمرار إلى الصفوف الخلفية.
التقرير متوفر للتنزيل من الموقعwww.mckinsey.com/mgi/
لمحة عن مركز ماكنزي العالمي للأبحاث تأسس مركز ماكنزي العالمي للأبحاث (McKinsey Global Institute)، ذراع شركة ماكنزي أند كومباني للدراسات والأبحاث في مجال الأعمال والاقتصاد، في عام 1990 بهدف تحقيق فهم أفضل وأشمل للاقتصاد العالمي. ويهدف المركز إلى تزويد صناع القرار في القطاعات التجارية والعامة والاجتماعية بالحقائق والرؤى التي تستند إليها القرارات الإدارية والسياسية. ويقوم شركاء ماكنزي آند كومباني بتمويل أبحاث المركز؛ ولم يكلف من قِبَل أي صاحب عمل أو حكومة أو مؤسسة أخرى.
ماكنزي لتحليل البيانات يساعد العملاء في تحقيق أداء أفضل من خلال البيانات، إذ يعمل هذا القطاع مع العملاء لمساعدتهم في تأسيس شركات معتمدة على العمليات التحليلية، مع توفير الدعم المباشر في مجالات الاستراتيجيات والعمليات وعلم البيانات والتنفيذ وإدارة التغيير. وتتراوح المشاريع التي ينفذها ماكنزي لتحليل البيانات من استخدام تطبيقات حسب الحالة إلى عمليات تحول تحليلية كاملة على نطاق واسع. ويعمل الاستشاريون وخبراء وعلماء البيانات والمهندسون في ماكنزي مع العملاء لتحديد الفرص وتقييم البيانات المتاحة ووضع الحلول وإنشاء بيئات استضافة مثلى، بالإضافة إلى معالجة البيانات وتطوير لوغاريتمات عصرية وتصور المخرجات وتقييم الأثر، وفي ذات الوقت بناء القدرات لتوسيع نطاق النتائج والحفاظ على استدامتها.
لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال بـ:
رنيم أبو دقة
هيل + نولتن استراتيجيزraneem.abudaqqa@hkstrategies.com050-694 4650

عن المؤلف

اخر الأخبار

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com