د. محمد مدكور من هواوي: المملكة العربية السعودية تقود التحول نحو اقتصاد ذكي مدفوع بالذكاء الاصطناعي ضمن رؤية 2030
دبي، الإمارات العربية المتحدة – أكتوبر 2025
خلال مشاركته في معرض GITEX Global 2025، أكد الدكتور محمد مدكور، نائب رئيس شركة هواوي لاستراتيجيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أن المنطقة، ولا سيما المملكة العربية السعودية، تقود واحدة من أسرع موجات التحول الرقمي في العالم، مدفوعةً بتقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وبمنهجيات جديدة لتطوير المواهب الرقمية تتماشى مع رؤية السعودية 2030.
تربة خصبة للتحول الرقمي
يصف الدكتور مدكور منطقة الخليج بأنها “تربة خصبة للابتكار”، حيث تتعاون الحكومات والشركات ومزودو التقنية معاً لإعادة تشكيل القطاعات الاقتصادية.
“العمل في هذه المنطقة يمنحك شعوراً حقيقياً بأنك في قلب المستقبل. فطموح الشركات والمشغلين في السعودية والإمارات والكويت وغيرها لا حدود له. إنها موجة تحول رقمية هائلة، لم أرَ مثلها في أي منطقة أخرى.”
وأوضح أن العديد من ابتكارات هواوي تُطلق لأول مرة في المنطقة، مثل تقنيات 5G Advanced والابتكارات في مراكز البيانات والألياف الضوئية، ما يعكس سرعة تبنّي دول الخليج للحلول الرقمية الحديثة.
الذكاء الاصطناعي: جوهر التحول الحقيقي
“الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد موضوع، بل أصبح واقعاً”، يقول الدكتور مدكور.
ويرى أن التحول الرقمي الحقيقي لا يمكن أن يتحقق من دون دمج الذكاء الاصطناعي في جوهره:
“لا يمكنك الحديث عن التحول من دون الذكاء الاصطناعي، ولا يمكنك تنفيذه من دون الاستعداد لعصر الذكاء القادم.”
تعتمد استراتيجية هواوي على منهجية شاملة للذكاء الاصطناعي تشمل الرقائق والمنصات والحوسبة السحابية ونماذج اللغة الكبيرة. إلا أن جوهرها يكمن في نشر الذكاء الاصطناعي عبر جميع القطاعات والمجالات — من النفط والغاز إلى التعليم والرعاية الصحية والصناعة.
وضرب مثالاً على ذلك بمفهوم «الحرم الذكي» (Intelligent Campus) الذي تستخدمه هواوي لتطبيق الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب بيئة العمل — من الصيانة والإدارة إلى تحسين تجربة المستخدم.
“الذكاء الاصطناعي اليوم يدير مراكز البيانات ويُحسّن الكفاءة التشغيلية. تخيّل مثلاً مكاناً يكتشف تلقائياً المستخدمين ذوي الأولوية ويمنحهم سرعة اتصال أعلى — هذا هو الذكاء الحقيقي في الواقع.”
السعودية: من الرؤية إلى الواقع بالذكاء الاصطناعي
أشاد الدكتور مدكور بـ رؤية السعودية 2030، واصفاً إياها بأنها “رؤية جريئة وملهمة”:
“المملكة تمتلك واحدة من أكثر الرؤى الرقمية شمولاً في العالم، ونحن في هواوي فخورون بكوننا شركاء في تحقيقها — من البنية التحتية الرقمية إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي.”
وكشف أن هواوي أنشأت منطقة سحابية في المملكة تضم خدمات مثل ModelArts وGaussDB لتوفير إمكانات الذكاء الاصطناعي وإدارة البيانات للمؤسسات المحلية.
وأضاف أن بنية هواوي التقنية أصبحت مرتكزة على الذكاء الاصطناعي بطبيعتها، مما يحسّن تجربة العملاء ويرفع كفاءة التشغيل ويقلّل استهلاك الطاقة.
“فلسفتنا بسيطة: أن ننجز أكثر بتكلفة أقل، وأن نفعل ذلك بكفاءة أعلى — وهذا هو جوهر تحقيق رؤية 2030.”
تنمية المواهب الرقمية: التحدي المحوري
رغم توفر البنية التحتية والطموح الحكومي، يرى الدكتور مدكور أن نقص الكفاءات المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي يبقى تحدياً أساسياً.
“إذا كان لدينا البنية التحتية والدعم الحكومي ولكن نفتقر إلى المواهب، فإن التقدم سيتباطأ. لذلك نعمل مع الحكومات والجامعات لتأهيل الجيل الجديد من الخبراء الرقميين.”
وتنظم هواوي برامج عديدة لتطوير المواهب مثل أكاديمية هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات ومبادرات تدريبية هدفها إعداد المهارات الوطنية لاقتصاد المستقبل.
الاستدامة وكفاءة الذكاء الاصطناعي
أشار الدكتور مدكور إلى أن الاستدامة تشكّل جزءاً محورياً من رؤية دول الخليج، ومنها السعودية، للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني، موضحاً أن هواوي تدمج كفاءة الطاقة في كل حلولها.
“لا يمكننا أن نُطوّر التكنولوجيا ونؤذي كوكبنا في الوقت نفسه.”
وأوضح أن حلول هواوي مثل OceanStor Pacific تقلل استهلاك الطاقة بشكل كبير، وهو أمر أساسي لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي كثيفة البيانات. كما تعمل الشركة على نشر حلول الطاقة الشمسية والقرى الذكية التي تسهم في ردم الفجوة الرقمية وتحقيق التنمية المستدامة.
نظام مفتوح وذكاء مسؤول
أكد الدكتور مدكور التزام هواوي بـ حوكمة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والانفتاح التقني:
“نحن لا نغلق بيئتنا التقنية، بل نفتحها للمطورين حول العالم. نريد أن نكون جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة.”
وأضاف أن هواوي تستخدم الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الهجمات السيبرانية والتصدي لها، بما في ذلك برامج الفدية (Ransomware) التي تستهدف المؤسسات حول العالم.
نحو مستقبل ذكي ومستدام
مع تسارع التحول نحو اقتصاد مدفوع بالذكاء الاصطناعي، ترى هواوي نفسها شريكاً استراتيجياً في تمكين الحكومات والشركات في السعودية والمنطقة من بناء مستقبل رقمي أكثر ذكاءً وكفاءة واستدامة.
“لم نعد مجرد مزود معدات، بل بنّاء للبنية التحتية، وممكّن للتكنولوجيا، ومحفّز لمستقبل ذكي ومستدام.”