
بنك سنغافورة يكشف “توجّهات 2025 الكبرى”

ويسلّط الضوء على المحاور الرئيسية المؤثّرة على آفاق الاستثمار العالمي
- اختتام قمة الرؤساء التنفيذيين للاستثمارات في دبي بحضور نخبة من قادة بنك سنغافورة وكبار الشخصيات البارزة
- يهدف التقرير المتكامل إلى تزويد المستثمرين والشركات برؤى استشرافية لتحولات المشهد الاستثماري
دبي، 20 فبراير 2025: اختتم بنك سنغافورة قمة الرؤساء التنفيذيين للاستثمارات (CIO Summit) الذي أقيمت في دبي، وحقّقت نجاحاً لافتاً بمشاركة قادته وخبراؤه الذين استعرضوا المحاور الاستثمارية الرئيسية وتأثيراتها على الاستثمار العالمي، والاستراتيجيات المؤدية لتحقيق النجاح. وخلال القمة، كشف البنك عن تقرير “توجّهات 2025 الكبرى” وهو إصدار محدث يستند إلى رؤى تقرير 2024، إذ يحدد الاتجاهات الاستثمارية الرئيسية التي سوف تسهم في تشكيل الأسواق المالية والاقتصادات العالمية خلال السنوات المقبلة.
يستند تقرير “توجهات 2025 الكبرى” إلى وجهات نظر المجلس الاستشاري العالمي للاستثمار (CIO GAC)، الذي تم تأسيسه عام 2024، انطلاقًا من المبادئ التي تؤكد أن الفكر القيادي جهد عالمي، ولا يوجد احتكار للأفكار الجيدة، مما يجعل التنوع في الرؤى أمرًا بالغ الأهمية. ومن خلال دمج خبرات أعضاء المجلس المرموقين، يوفر التقرير رؤى استشرافية لمساعدة المستثمرين على العمل في بيئة مالية معقدة وديناميكية بشكل متزايد.
ومع التغيرات السريعة والعميقة التي يشهدها العالم، مثل المتغيرات الجيوسياسية والتأثير المتسارع لمخرجات الذكاء الاصطناعي، فإن هذا تقرير يؤكّد أهمية الاستشراف الاستراتيجي في مشهد الاستثمار المتطوّر حالياً.
وتعليقا على انعقاد القمة، قالت السيدة جين شيا، المديرة التنفيذية للاستثمار العالمي في بنك سنغافورة: “يعكس تقرير “توجهات 2025 الكبرى” جهدًا تعاونيًا بين الرؤساء التنفيذيين للاستثمارات في بنك سنغافورة ومجلسنا الاستشاري العالمي للاستثمار، حيث يجمع بين وجهات نظر متنوعة من مختلف أنحاء العالم لتزويد عملائنا برؤى قابلة للتنفيذ. ومن خلال توقّع هذه التوجهات الهيكلية، يمكن للمستثمرين استكشاف فرص جديدة وبناء محافظ مرنة قادرة على الازدهار في عالم دائم التغير”.
يسلط التقرير الضوء على خمسة محاور استثمارية رئيسية يمكن أن تسهم في تحديد المشهد المالي والاقتصادي خلال السنوات المقبلة:
1- النظام العالمي المتغير:
يتناول هذا المحور حالة التشرذم التي يعاني منها الاقتصاد العالمي نتيجة لتعامل المستثمرين مع آثار وباء كوفيد 19، والصراعات الجارية في أوكرانيا والشرق الأوسط، والتنافس المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين. ومن المتوقّع أن يتعمّق هذا الانقسام في ظل الدورة الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي قد تؤدي إلى تخفيضات ضريبية، ورسوم جمركية باهظة، وسياسات هجرة أكثر صرامة، وإلغاء قيود تنظيمية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم لبقية العقد الحالي.
ومع أن هذه التدابير قد تعزّز في البداية نمو الاقتصاد الأمريكي، فإن تخفيض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي وارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية قد يتسبب في رياح عكسية على المدى البعيد. وفي الوقت نفسه، من المرجّح أن تواجه بقية دول العالم ضغوطا اقتصادية بسبب زيادة الرسوم الجمركية، وقوة الدولار، وارتفاع عائدات سندات الخزانة. لذلك إذا استمر الاقتصاد العالمي في حالة الانقسام إلى كتل بقيادة الولايات المتحدة والصين، فقد يؤدي تعطّل سلاسل التوريد إلى زيادة ضغوط التضخم في جميع أنحاء العالم.
2- تفعيل تخصيص الأصول:
مع تقلّص فعالية المحافظ الاستثمارية التقليدية “40 – 60” في بيئة تتسم بزيادة التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، من المتوقع أن يتحوّل المستثمرون نحو الأسواق الخاصة والأصول الحقيقية. وتشمل مجالات الاهتمام الرئيسية التحوّل الرقمي والأتمتة والاستدامة، حيث تعمل هذه القطاعات على صنع القيمة للمدى الطويل. كما أن توسّع البنية الأساسية الرقمية، بما في ذلك مراكز البيانات وشبكات الجيل الخامس والأمن السيبراني يتطلّب ضخ استثمارات كبيرة، في حين يعتمد الانتقال إلى اقتصاد مستدام على حلول قابلة للتطوير في مجال الطاقة النظيفة، وكفاءة الطاقة، والاقتصاد الدائري.
لذلك يرجّح في مثل هذه البيئة عالية المخاطر أن يكون النجاح من نصيب الشركات التي تمتاز بنماذج الأعمال القوية وقوة التسعير. ونتيجة للمخاوف بشأن استدامة الديون والمخاطر الجيوسياسية، فإن المستثمرين قد يفكرون في الأصول الآمنة مثل الذهب لتعزيز مرونة المحفظة.
3- الذكاء الاصطناعي في العالم الفعلي:
لم تعد مخرجات الذكاء الاصطناعي مجرد ضجة مفتعلة، بل نشهد تطبيقاتها العملية على أرض الواقع وأصبحت أولوية ملحّة للشركات في مختلف الصناعات. ومع توجيه الشركات لرأس المال بشكل متزايد إلى الاستثمارات التي تعتمد على هذه التقنيات، فإنها تسعى إلى تعزيز الإنتاجية، وإشراك العملاء، وتنمية الإيرادات. وهو ما أدى إلى تدفقات رأسمالية كبيرة إلى أشباه الموصلات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وبرامج المؤسسات.
وتستفيد أشباه الموصلات من الميزانيات الكبيرة التي تنفقها الشركات الضخمة، حيث يمتد الطلب إلى ما هو أبعد من الرقائق الجاهزة إلى الحلول المتخصّصة، مما يدفع النمو عبر منظومة أشباه الموصلات والأجهزة.
وتتوسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العالم الحقيقي بسرعة، مع التركيز على:
* تعزيز إنتاجية الموظفين.
* إيجاد فرص لزيادة الإيرادات من خلال التطبيقات.
* تحسين تجربة العملاء ومشاركتهم.
وإضافة إلى ذلك، يتزايد اعتماد المستهلكين للتطبيقات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، مثل برامج الدردشة الآلية بشكل متزايد. ومع انتشار المعرفة باستخدام هذه التقنيات فإن ذلك يمهّد الطريق للطلب المستدام على المدى الطويل، مما يعزّز الدور المتكامل للذكاء الاصطناعي في تشكيل مستقبل الأعمال والتكنولوجيا.
4- الانطلاق نحو المستقبل:
يسلّط هذا الموضوع الضوء على كيفية إعادة تشكيل المشهد العالمي للطاقة بسبب التحوّل المتسارع نحو الطاقة النظيفة. ومع توسع تبني الذكاء الاصطناعي تزداد الحاجة إلى حلول الطاقة المستدامة. وفي حين أن التحوّلات السياسية التي قد تحدث نتيجة لتوجّهات إدارة ترامب قد تؤدي إلى إبطاء زخم السياسات قصيرة المدى، فإن الالتزام العالمي بالاستدامة يظل قوياً، مما يوفّر فرصا استثمارية كبيرة على المدى الطويل.
كذلك فإن التحول إلى الطاقة النظيفة ليس ضرورة بيئية فحسب، بل اقتصادية أيضا، حيث يستفيد منه اللاعبون الرئيسيون في مجال الطاقة المتجدّدة، والمركبات الكهربائية، والبنية الأساسية للشبكة الذكية، كما أنه ضروري لتخزين الطاقة وتقنيات الكفاءة. بالإضافة إلى ذلك، فإن قطاع المعادن الأساسية في وضع جيد للنمو.
وفي الوقت نفسه، تعمل شركات الطاقة التقليدية على تكييف ودمج التقنيات الجديدة مثل الطاقة الحيوية واحتجاز الكربون لتظل ذات فعالية في هذا المشهد المتغيّر. كما فتحت السياسات المتطوّرة الأبواب أمام صناعة النفط والغاز للمساهمة في هذا التحوّل، والاستفادة من خبرتها في إدارة الأنظمة المعقّدة للطاقة.
ورغم تفشي حالة عدم اليقين السياسي في الأمد القريب، فإن التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة يظل حتميا، مما يدفع الفرص الاقتصادية طويلة الأمد ويجعل مستقبل الطاقة أكثر مرونة.
5- استشراف مستقبل أنماط الحياة والاستثمار فيها:
مع توقع ارتفاع متوسط الأعمار وتطوّر ديناميكيات القوى العاملة، يستكشف هذا الموضوع كيف أصبحت أدوات الإنتاجية المدعومة بالأتمتة والذكاء الاصطناعي ضرورية لتعويض نقص العمالة.
فارتفاع الأعمار يعيد تشكيل أنماط الاستهلاك، ويوجّه رؤوس الأموال نحو الرعاية الصحية والترفيه والتجارب لتلبية المطالب المتغيّرة للمجتمع. وفي الوقت نفسه، ومع تراجع أعداد الذين لا زالوا في سن العمل، فإن المنافسة تشتد على المواهب. وقد يؤدي هذا إلى ارتفاع الأجور وتسريع الاستثمار في الأتمتة وتقنيات تعزيز الإنتاجية. ولذلك فإن الشركات الرائدة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي سوف تستفيد حتما من السعي لإيجاد حلول مبتكرة لنقص العمالة.
كذلك فإن انخفاض أعداد السكان يفاقم الحاجة إلى الاهتمام بتأهيل القوى العاملة، خاصة مع إعادة تشكيل أسواق العمل نتيجة لتسارع الأتمتة. وهذا الاتجاه يؤدي لإيجاد فرص متزايدة للشركات في التعليم والتدريب وإدارة المواهب، وهي القطاعات التي ستلعب دوراً حاسماً في تأهيل العمال للاقتصاد المتطوّر.
لقراءة التقرير الكامل، انقر هنا.